(1)مصر العالمية

(1)مصر العالمية

الذات القومية قولا واحدا الريادة = الارادة والحضارة = الادارة هذا ما يمكن ان يصلح لكي يكون منطلقا فكريا وعلميا وعمليا فى آن واحد لعودة الريادة المصرية اما ثاني اكسيد الرغى والجدل المطول والتحليلات الهوائية واللاهوائية ورابع كبريتات شعوذة التنظير والالتهاب النفسي والارهاب الفكري والتطرف السلوكى والنقد من اجل النقض وليس البناء وفتح محابس الطاقات السلبية لكى تتسرب الى المجتمع عبر الاعلام المعدل وراثيا كي تترنح الهمم وتتساقط العزائم وتنتشر الاوبئة الفكرية لتضع ملايين من البويضات التي تفقس تباعا لتخرج لنا آفات جديدة تتراقص على اثرها شياطين الهدم لمجتمع لايزال يحتفظ بين ربوعه ببقايا شواهد زعامته للحضارة فهذا مرفوض تماما. ارفعوا ايديكم ايها المغرضون عن مرابط الحس القومي ومواضع الالم الوجداني ومناطق الضعف الوطنى اكتفوا الان او اختفوا ، استفيقوا قبل ان تريقوا دماء الفكر والوجدان الوطني .

اننا بحاجة شديدة لترميم واعادة احياء الذات المصرية وهذه الذات علي وجه الخصوص هي ذات لها اصل وجذور واضحة المعالم والصفات وهى مزيج للذات القومية والذات الشعبية والذات الفكرية . الذات القومية ليست مرادفة للذات الوطنية وانما هى تعبير يصف معالم الوطنية ودرجة التزام المواطنين وجديتهم فى احداث تغيير ايجابى يزيد من ديناميكية الوطن داخليا وخارجيا وحدوث تقدم قياسي فى مستويات واسلوب المعيشة كنتيجة طبيعية لنقاء المناخ العام لادارة كافة شئون الوطن من خلال معايير مقنعة للجميع يرضونها ويحترمونها ويدافعون عنها ويلتزمون بها .

من الواضح ان الذات القومية تتأثر كثيرا بالتقلبات السياسية والاقتصادية الحادة والمتغيرات الدولية وحركية موازين القوى ويطرأ عليها الكثير من التغيير فى معالمها ، الامر الذى يحتاج الى علاجها مما اصابها من خدوش ونتوءات واحيانا مظاهر شيخوخة مبكرة اما حقيقية او عارضة و من الطبيعى لكي يمكن البدء بأى نوع من العلاج أن يبدأ التطهير اولا لازالة اسباب حدوث هذه الترهلات او العوارض.

ان بدء اي نوع من العلاج هو بداية لعملية التغيير ، تغيير السيء الى جيد او الخرب الى صحيح أو الخطأ الى صواب ، ايا كان فهو تغيير ولكن اي نوع من التغيير وكيف سيتم هذا التغيير وهل يجوز فرضه أو هل نحتاج الى تعليمه للجماهير واكرر الجماهير ، اى اننا لسنا فى نطاق ضيق سهل التطبيق دون عوائق نفسية وفكرية وثقافية واجتماعية ..الخ. ايها السادة ..ان استعادة او ترميم او علاج او اعادة بناء الذات القومية قد يتطلب احيانا فرض التغيير والذي قد ينتج عنه غالبا مقاومة شديدة وضعف فى الالتزام وهذا ما تستخدمه العديد من الادارات المتعاقبة للوطن والذى لوحظ بوضوح ضعف وتدني مستويات نتائجه ، فقد تتواجد مولات تجارية كبيرة وفاخرة يلتزم روادها بقواعدها وقوانين التعاملات داخلها بينما يستمر عدم اكتراثهم بقوانين الدولة فى الشوارع التى وصلوا من خلالها الى تلك المولات واستخدموها باستخفاف فى طريق عودتهم الى منازلهم التى قد يحيط يها اكوام عشوئية للقمامة دون ان يلفت نظر احدهم شدة التباين بين حرصه على المحافظة علي المول التجارى الذى عاد منه للتو وبين عدم تأثره بمشهد القمامة او الركام الترابي حول وداخل مدخل البرج الذى يسكن فيه.

يا ايها القائمون على ادارة شئون الوطن اعلموا ان هناك مسافة بين فرض التغيير وتعليم التغيير ( الية دمج \ ربط المصلحة الشخصية بالصالح العام ) ……تعليم التغيير يرتبط بتوفير المعلومات لاقناع الافراد بضرورة التغيير حتى يخرج عن اقتناع بهدف الحصول على التزام اكبر ومقاومة اقل وهذا لن يتبلور بوضوح للجماهير الا من خلال اعلام تثقيفي محفز ومنطقى و تثقيف لامركزى متخصص وبرنامج تنموي شديد الوضوح ومحدد الاهداف وحصول الترقي الحقيقيى للملتزمين بالبرنامج ايا كانت تخصصاتهم وابراز تأثير ونتائج العوامل الاربعة لحدوث تغيير فى حقيقي فى الذات وهى ( الدوافع والتبني والالتزام والابتكار المستمر ).

التطهير والتطوير ان الفرق بين التطهير والتطوير كبير ولطالما حدث خلط كبير بينهما اثناء مراحل الانتفاض الوطني سواء المخطط او التراكمي ولطالما حدث ايضا صراع حول فض النزاع بين المقصود من كل منهما نتيجة عدم الاتفاق على معايير واضحة للانجاز واساليب تقييمه بالاضافة الى الشوائب النفسية والاجتماعية التى يحدثها الضعف العلمي والتعليميى والاعلامى والتى يمكن ملاحظتها بوضوح فى السلوك العام من الشارع الى الاعلام الى المسئولين وهنا يكمن بيت القصيد حيث ان اى علاج يحتاج الى تطهير قبل واثناء وبعد ، لذا فمن المفترض ان تتم علملية التطهير القبلي اولا والتى من المفترض ايضا انها يجب ان تتم بصورة علمية فى اعدادها ومن ثم في طرحها للجماهير ، لان اول مرحلة في اي علاج يجب ان يسبقها تشخيص لتحديد العلاج ومن ثم اختيار العلاج الانسب للحالة حسب مستوي تقدم او تفاقم المرض وتأثيره عليها .

بين التشخيص واختيار العلاج الانسب يقفز و بسرعة اجراء هام جدا وهو اعلام المريض بمرضه وحالته ومقترحات علاجه مع التركيز الشديد على كلمة الانسب اى العلاج الانسب لحالته … كل هذا ولم نتطرق حتى الان لقرار ( فرض التغيير ام تعلم التغيير) فالعلاج بالفعل سيكون اجراء التغيير وسيحتاج ادارة واضحة للتغيير و سيحتاج قبلها الى ارادة قوية للتغيير. كيف سيقرر ويتبني المريض قرار العلاج ( التغيير ) ويتحمس له ويلتزم به ويدافع عنه ضد شعور عدم الرغبة فى العلاج والذى من الممكن ان ينتج عن الخوف او عدم القدرة المادية أو الظروف الاجتماعية أو التوقيت المرتبط بمسئوليات العمل وغيره. ايها السادة …الجمهور العام يحتاج الى علاج للذات القومية ، فالناس كلها وطنيون بصورة نسبية ونوعية ولكن كيف يجتمع الكل حول مفاهيم ومرجعيات محددة تحكمها معايير واضحة ومقنعة للجميع .

بصورة اكثر دقة فان مزيج الذات القومية يشتمل على عناصر اساسية هي الضمير الجمعى والتراثي والعقل الجمعى والطموح البشري والقيم الانسانية والمرجعيات الوطنية التى تجمع الجماهير حول مفهوم نفسي ومنطقى عام تنتج عنه تغييرات وسلوكيات وردود افعال من المفترض ان تكون متناغمة ومتكاملة وليست متباينة. ان جوهر علمية التطهير هو عبارة عن مزيج من ستة عناصر شديدة التأثير ، صعيبة التحمل هى ( الحقيقة كما هى ) ( الصدق مع النفس ) ( الاعتراف بالاخطاء ايا كانت ) ( تحمل مسئولية النتائج ) ( الاستعداد الكامل لاتخاذ خطوات ايجابية ) ( بذل الجهد مهما كان حجمه من اجل اتمام التطهير ) .

من خبراتي لاحظت ان عموم الجمهور قد لايلتزم باكثر من 3 الى 4 من الستة عناصر السابقة الذكر وهذا فى افضل الحالات التى تمثلت فى حدوث طفرة فى الذات الشعبية ساعدت بشكل كبير في حدوث تغيير ايجابى فى الفكر العام ادي الى تطهير الذات القومية من الشوائب وبالتالى يحدث التحول الحقيقي كما حدث فى تجارب معروفة كالتجربة اليابانية والماليزية مع اختلاف الاسباب والظروف. ايها السادة …من سيقود عملية التطهير وكيف ؟ كيف سيتم تحفيز عنصر الصدق مع النفس ؟ ما هى الية الاعتراف بالخطأ ؟ ما هي التسمية المتوقعة لمن سيتحملون مسئولية النتائج الواقعة بالفعل ؟ كيف ستتم محاسبة المسئول عن النتائج ايا كان من هو ؟ ما هى الاليات الممكنة لبذل جهود التطهير ؟ ان اجابات هذه الاسئلة مجتمعة تساعد فى تشكيل معالم منهج او شكل جديد للذات القومية وهنا اري بصورة شخصية ان بعض الصفات الانسانية الراقية يجب ان تظهر مثل ( البطولة ، الفروسية ، الحماسة ، الصدق ، الوضوح ، الأثرة ، الحكمة ، العطاء والواقعية ) . ختاما كم يتوفر لدينا من هذه الصفات الانسانية التى ازدهرت بها حضارة ورقى الانسانية العالمية او كيف يمكن تحفيزها فى الجماهير ( ومنهم المسئولين بالطبع ) كي تبدأ عملية التطهير …عفوا التغيير.

جريدة روز اليوسف

23/5/2017