(2) مصر العالمية

(2) مصر العالمية

اثرت في المقال السابق موضوعين غاية فى الاهمية ، هما الذات القومية ، والاخر هو التطهير والتطوير ، وقد ابرزت هذا المبدأ الذى لاغني عنه وهو قولا واحدا : الريادة = الإرادة والحضارة = الإدارة . والان انبه الى ان الصراع الدائر فى عدة مناطق علي هذا الكوكب ، قد رسخ لدينا فكرة اساسية يتم الترويج لها بشدة ، الا وهى الحرص على البقاء كميزة نتميز بها عن الدول التى سقطت وانهارت قواها امام الارهاب والتطرف والتحالفات الظلامية .

أعتقد أن هذه الفكرة بمفردها قد لا تجدى ، فعلينا أن نتعلم كيف نكتشف الاراضى المجهولة والجديدة والادوار الصالحة لنا ؟ وكيف نعلم أنها صالحة بالفعل ؟ وكيف نخطط لادائها ؟ وكيف سنعيش من خلالها ؟ وكيف سندافع عنها من غارات الأعداء ومن ثورات النفوس والفلوس ومسببات العبوس ومعطلات التروس ؟ بل وكيف سنطور أداءنا ليكمل أبناؤنا المسيرة علي نفس الارض التى ادينا نحن ادوارنا عليها ويعملون على تنميتها وزيادتها .

ولأن الناس فى معظم الكوكب وعلى الأخص فى العالم الثالث حتي القرن الماضى كانوا يعتمدون بصورة كبيرة على الأخرين ، وأقصد بذلك الفئة القليلة التى تقوم بتحريك الأحداث ، وهى على الأغلب حكومات أو أشباه حكومات ، لقد كانت تلك الفئات هى التى تعلم ، أو التى لديها المقدرة لكى تعرف كيف تعلم ؟ ومن أين تأتى بمصادر المعلومات ؟ والجميع ينتظر الوظيفة التى تضمن له حياته وحياة أولاده وأحفاده والجميع يعملون كالتروس فى مكائن ضخمة ولا يعرفون الهدف حتى من دورهم اللطيف الظريف. الان أستطيع أن أؤكد ومن خلال مبادرتى ، التى طرحتها تحت عنوان ” مصر أمان ونماء ” أننا في مصر نحتاج الى 10 قرارات واجراءات استراتيجية فى المرحلة الحالية ، و يجب ان ندرجها فى ورشة العمل الوطنية المفتوحة ، حتى يفهم الجميع أداورهم وكيفية أدائها وكيف يحدث التناغم بيننا جميعا ونحن نؤدى ادوارنا ؟ وهي كالتالي :

أولا : نحن المصريون لم نتفق حتى الان على ” حلم مشترك ” بيننا نسعى اليه جميعا، ونستطيع ان نعبر عنه بسلاسة ووضوح وندافع عنه، لذا اري انه يجب وبسرعة الإعلان عن ضرورة الإشتراك فى المشروع القومى المشترك بين كل المصريين ( الحلم المصري ) الشامل لأهم طموحات المصريين الغير مختلف عليها مشتملا على الأهداف المرحلية بدقة ، والأهداف الإستراتيجية طويلة الأجل وهذا بالطبع سهل صياغته جدا بعد أكوام الأطروحات من ايام يناير 2011 بل وتوجد تصورات جاهزة للبدء فى أهم العناوين لدي الكثير من الكيانات الوطنية .

ثانيا : الى كل فرد من ابناء الشعب ” شغلتك على المدفع الوطني ايه ” ؟ يجب ان يعلم الجميع دور كل منهم بوضوح ، لان الوطنية في حد ذاتها ليست مهنة والتأييد والتنديد والشجب والتهديد والوعيد والتكريم والتمجيد كلها لن تؤدى الى اي تقدم علي الساحة الاقتصادية والتنموية بل والامنية ، اذا يجب ان نسرع فى التحديد للدور المطلوب بالضبط من كل فئة بل وكل شخص للعبور الآمن إلى المستقبل المستقر ( ماذا نريد ؟ وممن بالضبط ) يعنى ايه المطلوب من كل قطاع أو فئة وخاصة الشباب المنفعل والثائر والملىء بالطاقة والحيوية والطموح والغيور على مصر بجد بعيدا عن حلبات التصارع السياسى فمنهم المتخصصين والمبتكرين والمفكرين والمنتظمين فى دوائر اهتمامات مشتركة .

ثالثا : فلنكتفي بهذا القدر من الرغي الشعبي والرطرطة الاعلامية والنقد السلبي ، وتوجيه الملامات والاتهامات ولنبدأ فورا فى استغلال المرحلة الحالية لوضع محددات حقيقية ومقبولة للفترة القادمة، ايا كان الزمن الخاص بها 20 20 ، ولا 2030 ولا حتي 2050 ، المهم ان تتسم بالموضوعية والشمولية من أجل لم الشمل الفكري والتنموي والوطنى والخبراتي بكافة المقاييس والتركيزعلى قبول الكل للكل وطنيا ودون تمييز مهما كانت الأبعاد، فالوضع الحالى يمكن ان يتفاقم نوعيا ، اذا لم يتم تناوله بتركيز وتحليل اشمل وادق وعليه يجب البدء فى تنظيم ورش عمل قومية لتفعيل كل الاطروحات القابلة للتحقيق وفقا للظروف والامكانات المتاحة مع مراعاة تنفيذ ورش أخرى لتطوير المختلف حوله الى صيغ اكثر توافقا وقبولا .

رابعا : لن يحك جلدك مثل ظفرك، ” ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” ، اذا يجب ان نسرع ايضا بالبدء فى اطلاق حملة وطنية قومية لإنقاذ مصر من الهبوط الإقتصادى والانحدار الأخلاقى وإستفاقة المصريين من العلماء والخبراء والمتخصصين داخليا وخارجيا تحت مظلة كيان حقيقي جامع للخبرات الوطنية الغيورة حول العالم ( من غير المسئولين الحاليين والسابقين ) تحت مسمي جديد يمكن ان يكون ” المجلس القومى لتطوير مصر” و يمكن لكل القطاعات والقوى الوطنية المشاركة فيه بشرط وجود إدارة محترفة وبرنامج زمنى محدد وتوصيف لكل الموضوعات والأدوار والأهداف .

خامسا : صحوة الاعلام هي ضرورة استراتيجية ملحة وأطالب الهيئات والمجالس الاعلامية بمشاركة المجلس الاعلي للثقافة وكافة قصور الثقافة بالاتفاق على الكيفية التى يمكن بها اطلاق برنامج إعلامى قومى للدعوة إلى الوقف الفورى لكل الشعارات والنعرات الأيدلوجية والتراشقات والمزايدات الوطنية والتركيز على الحقائق التي لا تقبل الجدل إقتصاديا وماليا وتاريخيا وزمنيا وإبراز الأخطار الحقيقية على كل المستويات المحلىة والإقليمىة والدولية على أن تتمركز محاوره حول الأربعة مسارات التالية: • إحياء العلاقة الوطيدة بين المواطن المصرى وارضه التى يعيش عليها • تعريف الأطفال والشباب عمليا بجغرافيا وتاريخ مصر • إيقاظ الغيرة الشعبية على مقومات وموارد مصرمن الضياع والتلف • حث الأفراد والأسر التجوال عبر المدن المصرية ترسيخا للوحدة والألفة • فتح أفاق جديدة للتعرف على الفرص المتاحة وإمكانية الإستفادة منها

سادسا : أطالب الهيئة العامة للاستعلامات بكل قوتها ومراكزها الخارجية والداخلية ( مراكز النيل للاعلام ) بالاستفاقة من الغيبوبة الكبري التى تعرضت لها ، وان تستفيق لخطورة ما تمر به مصر والمؤثرات العالمية فى كل ارجاء المعمورة ، وان تبدأ فى الدعوة إلى مؤتمر دولى فورى لإستنفار طاقات المصريين والمحبين لمصر فى كل مكان الذين لديهم أفكار أو دراسات أو برامج أو امكانات لمساعدة مصر فى العبورالآمن الى المستقبل القريب وتخطى حد الخطر فى كل الجوانب .

سابعا : لن يفل الحديد الا الحديد ولن نستطيع مواكبة ما يدورعلى الكوكب الا بالعلم والعودة الى المنهج العلمي والوقف الفوري للهري والجري فى الفاضي والمليان وعليه يجب ان نسرع فى تكليف كل الجامعات والمعاهد والمدارس العامة والمتخصصة بالتركيز على تقديم أفكار وحلول علمية وعملية لكافة المشكلات المحلية وفتح الطريق أمام كافة الأبحاث والدراسات المحبوسة فى الأدراج و الإعلان عن كافة براءات الإختراع لإنتقاء المناسب منها لتسهيل الحياة فى مصر .

ثامنا : لا يرتفع شأن اي أمة الا بمبتكريها وعلمائها ومبدعيها والمتفوقين منها والنابغين والنابهين والخلوقين والمحترمين وعليه يجب تأسيس كيان واضح ولديه خطة محددة وبرامج منضبطة واليات لا تقبل الوساطة والمحسوبية ولملمة وتسيير الامور ، واقترح ان يطلق عليه ” المجلس المصري للنوابغ ” ويتم منحه كمية فعالة من المميزات البحثية والعلمية والتدريبية والتأهيلية وسهولة وامكانية التنقل عبر كافة محافظات مصر والمشاركة ولو بالمراقبة والمتابعة فى المجالس الكبرى كمجلس الشعب والشورى وغيرها للإعداد السريع والمركز للقيادات الشابة فى كل القطاعات .

تاسعا : الانتقال من وجوبية التعليم الى ضرورة التعلم المستمرلانه لن ينصلح حال دولة وابناؤها لا يعلمون عنها الا القليل، فلا هم يؤمنون بانفسهم ولا هم يعتقدون بحقيقة تميز ارضهم ، لذا يجب ان نسرع ايضا فى إطلاق برنامج يمكن ان نسميه ” انها مصر” كبرنامج يختص بنوعية التعلم بالترفيه والتعلم بالمشاركة والتعلم بالمواجهة والتعلم بالمنافسة ، وتنظيم جولات وبرامج سياحية يمكن ان يتم ادراجها في الانشطة اللاصيفية فى المدارس والجامعات بل يمكن منهجتها لتبدأ من الثالث الابتدائي وحتى الثالث الثانوي لتغطي معالم مصر الاساسية ويجب ان يستهدف البرنامج إحداث تغيير واضح فى فكر و توجهات وجهود وسلوك الأفراد والاسر والكيانات المعنية بشئون السياحة والثقافة والتعليم والإعلام بصورة تنعكس على الأداء الشخصى والعام للفرد والمجتمع المصرى من خلال معرفته بكل ما تذخر به مصر من كنوز تاريخية وعلمية وثقافية وموارد طبيعية وبيئة غنية لا يفتقر من صانها وعمل على تنميتها وتعظيم قيمتها وإجتهد فى كيفية الإستفادة منها .

عاشرا : التسعة محاور السابقة تحتاج الي ان يتفق الجميع واعنى الجميع شاؤوا ام أبووا على دعم روح الإنجاز القومى والمشاركة العملية الواضحة فى دفع عجلة التنمية وزيادة الحرفية المهنية والإسترشاد بالمرجعية الوطنية كميثاق اخلاق وطنى يعبر عن العمق الحضاري لمصر، والعمل بمنهجية علمية والإهتمام بالدراسة والتخطيط والتنفيذ الفعال ورقابة الأداء لضمان تحقيق التحول الحقيقى لمجتمع يؤمن ويحيا بمفهوم الحرية المسئولة وعدالة الاستحقاق والديموقراطية العملية مع ضمان تحقق النتائج المستهدف

روز اليوسف

3/6/2017