الحضارة تبنيها الشعوب

الحضارة تبنيها الشعوب

قولا واحدا مباشرا من اول السطر، اذا كنا نريد عوده الاخلاق والذوق الرفيع والمجتمع والانسان المثقف المتحضر النظيف الانيق الراقي الخلوق المحترم المسالم المتعاون المسئول صاحب القيم والمبادئ الذي يضيف الي المجتمع و يبني و ينمي و يربي ويعلم وينشر الفضيله ويبدع ويبتكر ويتالق و يزيد الدنيا رونقا…فيجب اولا ان تتوقف و فورا السينما والتليفزيون والمسرح عن تقديم وإبراز النماذج البشريه التي تعبر عن العشوائية والجهل والتخلف والفوضى والصراع والامراض الاجتماعيه وانخفاض مستوي العلم والثقافة و الذوق والاخلاق وانعدام المبادئ ويجب علي الاعلام ان يتوقف فورا عن الاستعراض الاستهلاكي والتحليل السلبي لكل الموضوعات والقضايا ذات العلاقه بالجريمة والفساد والفشل الفردي والمجتمعي والظواهر الباعثه علي الاحباط وعلي الجميع ان يتحدوا من اجل ابراز النماذج المضيئة وقصص النجاح ومقومات الحلم المصري والارتقاء بمستويات التفكير والاخلاق واللغه والمعاملات والولاء الحقيقي للوطن الذي يجب ان نعمل باخلاص وبكل ما اوتينا من علم ومعرفه وخبرة وذكاء لان نؤهله لكي يكون الملاذ الامن المستقر والحضن الحنون والحلم الجميل والعمر السعيد لكل منا….هكذا افكر واحلم واعمل حتي وانا اخترق يوميا مظاهر الفشل والانحدار الاخلاقي وغياب الضمير وانعدام الذوق وانا في طريقي الي مقر اي جهه تنظم ندوة او ورشه عمل او اجتماع لمناقشة كل ما سبق.
يا ايها الملأ من بني المصريين نريد جميعا ان نوقظ اجمل ما فينا لنواجه به اسوأ ما اصابنا بل و نحتاج بشده الي ان نعيد الارتقاء بانسانيتنا لنتصدي بها لتدنيات البشريه المشينه واري انه لا صلاح لنا الا بالارتقاء والتسامي عن الصغائر وكف السنتنا وايدينا ومراقبة انفسنا بشده والتوقف فورا عن كافه صور الصراع المتدني والعشوائية والفوضى والشتم والسباب وسوء الاخلاق والمعاملات وفساد النفوس.
وكي نبتعد بقدر الامكان عن النظريات ونتجه الي التطبيق فلابد وان نعمل بصوره جديه ووفقا لخطة واضحة وتكليفات مقننة علي مستوي المسئولية والزمن علي رصد وتقييم نوع وحجم وكم المشكلات التي تعوق استقرارنا واستمرار رغبتنا في صناعه مستقبل افضل وحياه ايسر لنا بصفتنا مصريين الا ان المعضله الاساسيه التي يجب ان نجتازها هي اننا نحتاج الي ان يبادر كل منا ليكون ارقي بصورة شخصية اولا ونحسن تقديرنا لتاريخنا ونحترم انجازات من كانوا قبلنا ونجعل منها حافزا لنا نتحدي به انفسنا في سبيل تحسين اوضاعنا ومنافسة العالم في تقديم حضارة جديده للعمار وليس للدمار.
يابني مصر المحترمين واولاد الاصول اذكر نفسي واذكركم دائما بان العلم سيد عناصر البقاء والنماء بعد توفيق الله وبذل الجهد واؤكد دائما ان الادارة بالاهداف وتفعيل القوانين ودولة المؤسسات و ثقافة الالتزام بالنظام والحرص علي العمل الدؤوب والولاء للاهداف الوطنية وانتشار المعرفة والمرجعية العلمية كلها مجتمعة تشكل ادوات بناء الحضارة وليس الشعارات والاغانى والعواطف القومية والوطنية المتأججه والدليل مجتمعات ودول انيقة ومتالقة كفنلندا والسويد وسويسرا وكندا وهي دول لا تمتلك البترول ولكنها تتصدر العالم بنواتجها المحلية ومستويات البنية التحتية والتنمية والرعاية الصحية والتعليمية والحقوق واحترام الانسان والبيئة والحيوان….ولا يذكر التاريخ حتى اسماء حكامها….. الحضارة يا سادة تصنعها الشعوب المحبة للحياة المحترمة لذاتها وتقدس وجودها وتفهم رسالتها الانسانية ، واكرر ، تصنعها الشعوب وليس الحكام فقط
ولقد علمتنا الحياة ان الحظ قد يكون حليفا لمن يستحق وايضا لمن لا يستحق ولكن الاحترام والبقاء يكون فقط لمن هو مستمر علي حق ، لقد تعلمنا من تاريخ البشرية كلها ان دورات الحظ وان تعددت قصيرة وقفزاته غير طبيعية ولكن دائما يبقي العلم والحق والخير لانهم كالمعادن النفيسة حتي وان غطاها التراب لفترات قصيرة او طويلةولندرك جميعا ان الحضارة التي تبنيها الشعوب بايعاز من حكامهم وبتبني واضح من حكوماتهم تشكل في مجملها المستقبل الامن والمستقر لهذه الشعوب وهذا هو التحدي الاكبر لكل الشعب والذي يمكن حينها ان نطلق عليه حياة جديدة صنعها شعب واع لنفسه ومدرك للحقائق و بمحض ارادته وليس فقط لجيش قدير يحمي ويصون ويخدم و يعزف منفردا في كل المحافل وجهد رئاسي منطلق يغرد وحيدا في غابات يسكنها الكسالي والفاسدين.
ياايها الشعب العظيم استفق من الرقود ولا تسمح باي نوع من الركود وحارب الفساد بنفس درجة قلقك من الكساد و اذا اردتم الطريق فعليكم بضبط وربط العلم بالتعليم والثقافة والاعلام وتقويمهم وتصحيح مساراتهم وتوظيفهم بنفس قدر الفكر والجهد الذي تبذلونه لتوفير الطعام والملبس والسكن والعلاج وانها والله لكبيرة وعظيمة الا علي المؤمنين بانفسهم وبوطنهم وقبل ذلك ببقائهم.

جريدة الجمهورية

9/5/2018