المهمة العظيمة

المهمة العظيمة

الظروف المختلفة تتطلب دائما أساليب مختلفة ، ولكن ليس اختلافًا في الأخلاقيات فالامم المحترمة تحترم القانون وتعتقد بانه لا يجب ان يكون اي احد فوق القانون وعندما تتعرض اي أمة لاي خطر يحدق بها وبشعبها وارضها وبقائها فانها تعمد الى استخدام كل ما لديها من افكار وخبرات وقدرات كي تدرأ هذا الخطر وتحمي اراضيها وارواح مواطنيها وتصون كرامتها وتحفظ تاريخها ولا يوجد على الارض من كائن ايا كان الا وامنه وطعامه وشرابه وكسوته وصحته وسكنه هو اهم مطالبه كي يستمر فى الحياة وتكون له القدرة الاختيارية على العطاء والمساهمة فى الانتاج والبناء لكل ما يلزم لتطور حياته وتنمية موارده وزيادة ثروته الفكرية والمادية .
ان الدفاع عن أمتنا ضد أعدائها هو الالتزام الأول والأساسي على كل انسان سوي حر، ولان اعداء اليوم لديهم العديد من القدرات الكبيرة والمتنوعة والمدعمة تكنولوجيا وماليا ومعلوماتيا فقد اصبح علي كل من يسكن الارض من مواطني هذه الامة العظيمة بتاريخها ان يكون له دور خاص ودور عام فاما دوره الخاص فهو الحفاظ على استقامة واستقرار وارتقاء شأنه الفردى والاسري ومحيطه من الاصدقاء والزملاء والجيران والمعارف واما دوره العام فهو الالتزام بالمشاركة فى العطاء والبناء والحفاظ على الاستقرار العام تحت مظلة قانون يجب ان يحترمه الجميع .
تخوض أمتنا حربًا ضد شواذ الفكر والاعتقاد والسلوك من الإرهابيين ذوي الانتشار العالمي ممن يريدون الدمار لأي عمار وهذا العدو ليس نظاما سياسيا واحدا أو شخصا أو دينا أو أيديولوجية حقيقية ، العدو هو المرض النفسي والتطرف الفكري و الإرهاب الدموي الذي يدمر اي هوية تاريخية ويحرق العمار ويشيع الدمار ويقضي على الحضارة مع سبق الإصرار والترصد و يستخدم العنف بدوافع مدعومة سياسيا من اطراف متعددى الاوجه والاقنعة والمرجعيات ضد الأبرياء في العديد من المناطق ، وهذا الامر لايمكن معه ان تستمر الحياة بصورة مستقرة ولا يمكن للنمو الاقتصادى والتنمية المجتمعية ان تحدث ولايمكن لاى فكر او علم ان ينمو ويزدهر لذلك كان ولايزال من الضروري بل والمحتم ان يعمل الجميع داخليا وخارجيا على تعطيل وإتلاف كيانات واصول المنظمات الإرهابية ذات الانتشار العالمي ومهاجمة قياداتها وقدراتها على التحكم والاتصالات وتجفيف اي دعم مادي لها واستمرار احداث تأثير معوق لقدرة الإرهابيين على التخطيط والعمل ، وكي يمكن فهم الوضع بصورة اكثر توازنا فمن الضروري والمحتم ايضا ان لا تتوقف كافة انواع ومستويات وصور الجهود اللازمة لاحداث زيادة مطردة فى معدلات النمو الاقتصادى باتجاه ان ينعم المجتمع بمستويات مرتفعة من التنمية الاقتصادية وهذه الاخيرة من الصعب ان تتحقق فى ظل اى قصور فى الفكر والعلم والثقافة والموارد او اى تقصير فى الجهد والالتزام بالمشاركة فى الانتاج والبناء والاداء الجماعى المتناغم بعيدا عن الخلاف والاختلاف حتى تتم المهمة الكبري وهى حدوث الاستقرار والنماء العام المتميز بعوائد عامة وجماعية وفردية على كل من يسكن الارض .
ايها السادة ان المهمة تتعاظم قيمتها بتعاظم اهدافها وبحجم التحديات التى تعوق اتمامها ولا يوجد من هوخارج نطاق المسئولية سواء على مستوى الفكر او القول او الفعل والسلوك ومن يدمر ليس كمن يبني ومن يخرب ليس كمن يعمر ومن ينشر السلام ليس كمن يسبب الألام ومن يسمو بفكره وقيمه وسلوكه ليس كمن يتدني بتطرفه وفساده وشذوذ سلوكه ومن لا يحمي الارض ولا يصون العرض ليس كمن يموت مدافعا عن الارض وفداء لطهارة العرض ومن ينشر النور ليس كمن يظلم الدنيا على ساكنيها فليتفكر كل من له دين او عرف في سبب وجوده فى هذه الدنيا وليحفظ لانسانيته ماء وجهها وليعمل كل معلم واعلامي وسياسي ومسئول ومزارع و فنى وبناء وقائد ومفكر واديب وفنان الخ على رأب الصدع والتقارب العام وسد الثغرات والحفاظ على ضبط النفس وليكن لكل منا دور فى احداث استفاقة حضارية وقيمة نريدجميعا ان ننعم بنتاجها فلا يمكن للنمو ان يكتمل بدون استقرار وجهد وتغذية مستمرة لكل ما يساعد فى البناء من اجل النماء تماما مثل الجنين فى بطن امه يحتاج الى استقرار وعدم حدوث اى تقلبات حادة او احداث خطيرة للام كي ينمو بصورة متزايدة عبر الوقت الى ان يكتمل بصورة تسمح بخروجه الى النور مبهجا لاهله الذين لا يقصرون ابدا فى الحفاظ عليه ومساعدته فى ان ينمو ويكبر ويصبح فردا جديدا صالحا لاستمرار مسيرة عائلته انها والله لمهمة عظيمة تلك الامانة التى كلف الله الانسان بها وهى ان يعمر الارض وينشر الامان والسلام والعلم والنماء والخير فلا تجذبكم الافكار الهادمة ولا القوى الظالمة الى المناطق المظلمة تحت اى مسمي ظاهره الحق وباطنه الظلام ولندع ما يريبنا الى مالايريبنا ولينظر كل منا الي نعمة الله الكبري علينا من الامان العام واستمرار البقاء وسط ظلام الدماروالتشرذم والتشتت والفرقة ورائحة الموت فى العديد من الدول المجاورة
ايها السادة نحن بحاجة ماسة لاحداث تطوير ايجابي فى مرجعياتنا الفكرية باتجاه احداث تغيير ايجابي فى مجريات حياتنا ومنطقيات واليات تطورنا لاننا وباختصار امام تحدى حضاري غاية فى التعقيد فنحن فى زمن التقدم التكنولوجي المضطرد بشراسة والمنطلق بلاهوادة بينما معدل تطورنا الفكري والمنهجي باتجاه الاستفادة من هذا التطور يلهث وهو يحاول بصعوبة ان يلحق بالركب العالمي والجدير بالذكر ان اهم عامل مؤثر فى هذا الموضوع الفائق الاهمية هو رغبتنا فى تحقيق نتائج متقدمة وارادتنا فى انجاز ما نشكو من عدم توفره حتى الان فنحن كثيروا الشكوي والانتقاد والامتعاض من كل شئ وعلى كل المستويات بينما ينشغل كبار المتقدمين لمسيرة البشرية الحديثة بتحقيق مستويات خارج المنافسة بينهم وبين اقرانهم ويعتبرون اننا من الامم التى يجب ان تندثر ويعتقدون اننا لانستحق ما انعم الله به علينا من مميزات ووموارد واوطان تذخر بالكنوز وتحظي بالقيمة التاريخية ، فهلا توقفنا قليلا لنستوعب الدرس ونفقه ما يدور حولنا وننقد انفسنا بدلا من انتقاد غيرنا .
ايها الشعب العريق انتبه انت في مفترق الطريق وعليك ان تطور من كل منهجياتك الفكرية والعلمية والعملية وعليك استحداث كل ما تحتاجه من قوانين واجراءات واليات كي تعبر الصراط فوق لهيب الصراع وعليك ايضا ان تترك حلبات الصراع والتنافس والنقد السلبي والتراخي والاستعراض اللفظى عبر التنظير الى مضمار التسابق العملي على تحقيق مكانة حقيقية من صنعك انت فى عصرنا الحالي كما فعل اجدادك وتركوا لك شواهد حضارية تنير لك الطريق كي تبدع فى تحقيق انجاز غير مسبوق فيا ايها المواطن الانسان اللبيب انت امام مهمة عظيمة فلا تكسل و توقف عن الثرثرة و انفض غبار الكسل وقم بكل ما يحررك من قيود الانجاز وانبذ الجهل والفرقة والجدل والكسل والتردد واتخذ قرارات حقيقية تساعدك على تغيير اوضاعك الى الافضل بدلا من انخراطك فى غياهب العوز والفقر والمرض والتبعية لمن يريدون محو كل ما يدل عليك.
يا ايها الناس تساموا وارتقوا وتكاتفوا وابصروا الحقيقة فى هذه المرحلة الحرجة الدقيقة وليتذكر كل منا ان عليه واجبات قبل ان يسأل عن الحقوق واننا بالفعل امام مهمة عظيمة وهي بناء مستقبل آمن ومجتمع مستقر وصحيح وغني.

جريدة الجمهورية

10/2/2019