السوس والهكسوس

السوس والهكسوس

لم تنحصر الهجمات علي مصر عبر العصور علي القادمين من الخارج تحت مسميات مختلفة بدءا من العدو الاشهر منذ عهود الفراعنة والذي اطلق عليه وقتها اسم الهكسوس الذين تصدي لهم القائد المصري احمس و اخرجهم من البلاد بعد احتلاهم لجزء منها وكذلك لم تنحسر بسهولة موجات المغيرين علي مصر عبر العصور تحت مسميات واسباب وحيثيات مختلفة ومتعددة الصور والكيفية والمصدر والسبب كما لم تتوقف اطماع حكام الممالك والامبراطوريات السابقة في كنوز مصر وموقعها الاكثر تفردا علي مستوي الكوكب العجوز.
العجيب المتكرر انه رغم تكرر الانحسار والدحض والطرد والاجلاء للعديد من الجيوش المعتدية سواء بغرض السيطرة او النهب او الاذلال او الاستغلال الا انه لاتزال بل و ستظل اطماع الطامعين ومكر الماكرين و وحشية الهمجيين وجحافل المأجورين مستمرة في التصاعد ولديها امال كبيرة وطموحات براقة في ان يتحقق الحلم الكبير في السيطرة علي مصر ارضا وشعبا وكنوزا ولكن هذه الغارات التتارية باختلاف انواعها منذ عهد الهكسوس لم بل لن تجد لنفسها طريقا الي الدخول او الاستمرار او الاستقرار علي ارض مصر الا اذا توفرت لها الاسباب او المناخ او الظروف وقبل كل ذلك السوس نعم السوس الذي ساعد علي دخول الهكسوس فلولا السوس لما كان الهكسوس.
ايها السادة اني اعلنها صريحة واري انه قد حان وقت قبول النصيحة ولنتوقف قليلا ولنفكر كثيرا في اصلاح البيئة الداخلية والمناخ الثقافي الداخلي بل والخارجي ايضا فالمصريون في الداخل يتحملون علي عاتقهم صناعة البناء الحديث والمتجدد للثقافة الانسانية بطعم و عبق الحضارة المصرية الفريدة في مقابل ان يتحمل المصريون في الخارج عبء نشر هذه الثقافة والترويج لمصرية الانسانية التي تالق بريقها وقت ان قادت مصر العالم بعلومها و قيمها التي لاتزال قوافل المكتشفين تنبهر بما يجدونه مدونا بايدي المصريين عنها منذ فجر التاريخ بل ما اطلق عليه فجر الضمير .
ياايها الشعب العريق تذكر ان الضمير الانساني الذي صاحب تكوين اول دولة ذات قيم و قومية و تفرد في مشاعر الوطنية هو ما يميز وجودك الان بل ويثير الاحقاد والغيرة و روح المشاغبة والرغبة في هدم اثارك المجيدة فهلا استفاقت حفيظتك وهلا افقت من استراحتك الحضارية كي يتسني لك اعادة تهيئة مقوماتك الحضارية التي يشكل الرقي الانساني والتقدم العلمي وجهي عملتها الغالية وهلا قررت ايها الشعب اقتناص الفرص الذهبية لعمل نقلة بل طفرة زمكانية مبهرة تعلن من خلالها عودة الروح الي الحضارة المصرية لتعيد التفرد في قيادة شعوب الارض الي مستقبل ارقي وافضل من ذلك الذي لم نصنعه بل للاسف تركناه لغيرنا ليرسم خطوطه ويحدد الوانه واصبحنا لا نجد الا هزلا وترقيعا لظروف وانظمة باتت تتوالي كبواتها بفعل فاعل من بين ظهرانينا واصبحت ثقافتنا في اضمحلال بين وباتت القيم ذكريات نحكيها لاولادنا ولا يرونها واصبح هكسوس العصر يروننا من حيث لا نراهم ويقذفوننا بكرات من نار سموم ثقافتهم ونتاج معاملهم والاخطر من ذلك انهم تحولوا الي ضربنا من الداخل بطرق اسهل بكثير واقل تكلفة من الهجمات الخارجية و لم يكن لهذا التحول ان ينجح الا بوجود السوس ومساعدتهم للهكسوس واصبح الرئيس يعمل اكثر من المرؤوس وداست اقدام التيوس علي الرؤوس وبات الامل في عودة الحضارة امر ميئوس بعد ان كثر الصراع علي الفواني والفلوس و تخلق الناس باخلاق المجوس فساد الكساد وشاع العبوس و حارت القلوب والنفوس فلم يتبقي الا الاستغاثة بالاله الملك القدوس عسي ان يعتبر الناس من كثرة العبر والدروس و يتقبل القدوس من الصالحين من عباده دعوة مخلصة بان يضرب الهكسوس بالسوس ويخرجنا من بينهم سالمين من كل ما قد علق بنا عبر العصور من النحوس .

جريدة الجمهورية

8/7/2018