الإنتصار الحضاري

الإنتصار الحضاري

ليس فقط من أجل المزيد من المشروعات وليس من أجل المزيد من الامان لكل المصريين علي السواء وليس فقط من أجل استعادة المكانة الدولية والدور الريادي المصري في المنطقة العربية وفي افريقيا وليس من أجل المزيد من شبكات الطرق التي تمهد للمزيد من الاستثمارات في المناطق الاقتصادية المستحدثة والفرص المتفردة للتواجد المنافس في الأسواق الدولية للطاقة وايضا ليس فقط من أجل المزيد من معدلات النمو المتصاعدة باستمرار وليس من أجل المزيد من الاحتياطي النقدي الأجنبي وليس من أجل الكثير من الأحداث الدولية علي أرض مصر والتي تؤكد علي الاستقرار الآمن اللازم لعودة الريادة السياحية الفريدة وليس من أجل اكثر من عشرة مدن جديده علي اعلي مستوي وليس من أجل أكبر محطات وحقول توليد طاقة كهربائية بالرياح والشمس وليس من أجل مليون ونصف فدان مستصلح ولا المطارات الجديدة وليس من أجل الخروج من عباءة وسيطرة القوي العالمية و ايضا ليس من أجل أقمار صناعية جديدة و ثورة شاملة في المنظومة الطبية والعلاجية والصحية وليس من أجل ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي وميكنة جميع المعاملات الحكومية ، و ايضا ليس من أجل سداد الديون الداخلية والخارجية وليس من أجل المزيد من الثروة السمكية والإنتاج الزراعي المتطور وحقول الغاز وليس من أجل القضاء علي العشوائيات وليس من أجل المدن الاقتصادية والصناعية والحرفية المتخصصة في الجلود والأثاث والرخام وغيره وليس من أجل تطوير السكك الحديدية والتعليم والمتاحف ومحطات التحلية والصرف الصحي الي آخره مما حدث بالفعل ويحدث الان وما هو مستمر في الحدوث بصورة عملية علي الأرض وتراه الأعين ليلبي احتياجات المواطنين وينقذ البلاد من شر العباد ويجبر الخواطر ويركب الاكباد .ليس من أجل كل ما ذكرته آنفا وهو غيض من فيض مما تحقق ويتحقق علي ارض بلادي وتشهد له البشرية جمعاء وفي مقدمتهم الكارهين من الاعادي .
اقول هذا ونحن في عمق المرحلة التاريخية بمعني الكلمة و التي تتطلب المزيد والعديد والشديد من التضافر والاصطفاف العتيد والتكامل وتشابك الايادي بالايادي كي ننجز بل ونحقق ليس فقط كمالا واكتمالا لما سبق ذكره وانما من أجل استفاقة حضارية جديدة ننفض بها غبار العجاف من السنين و أثار الحقب المظلمة من علي كاهلنا و أعباء طالما تسببت في تقوسات العمود الفقري للحضارة وهو ثقافة حب الحياة وإحياء الإنسانية ، نعم إحياء الإنسانية وتعظيم دور الإنسان في الاستفادة من كل الموارد من أجل اعمار الارض نعم اعمار الارض ذلك الهدف الاسمي الذي شهد التاريخ لمصر باضطلاعها بهذا الدور من قديم الأزل .
ايها السادة لقد كرمنا الخالق و شرفنا بمنحة سمائية تظهر جليا في تفرد الموقع وقدوم كافة الحضارات الينا و من أطلقوا علي بلادنا اسم المحروسة كنتيجة لما لمسوه بالفعل من تحصين الهي لأرض حظيت بشرف المشاهدة لتجليات الذات الإلهية، ومرور الانبياء والرسل عليها واعمارهم لها ، نعم أيها السادة أنه ذلك الدور الحضاري الريادي الذي طالما تقلدت مصر وسام انفرادها بالمراكز الأولي في العديد من جوانب الحياة عبر الزمن.
اقول هذا لأننا بحاجة شديدة لعودة روح العطاء واستعادة طاقة الانتماء ، تلك الطاقة التي تزيد من قدراتنا علي بذل المزيد من الجهد المستمر اللازم لتطوير كل جوانب حياتنا الفكرية والعملية وتطوير كل ما يلزم ذلك من قواعد ومرجعيات دستورية وتشريعية وقانونية و أنظمة وتطبيقات متقدمة تحمي وتؤمن مسيرة الكرامة المصرية الضاربة في عمق التاريخ ، فنحن جميعا نري بأم أعيننا كيف يعبر الشعب المصري حواجز الزمن وجبال التحديات عندما تتوفر له ظروف وهدايا سماوية تتمثل في شخوص قيادية فروسية تطلق العنان لطاقة الطموح المصري من خلال رؤية غاية في الوضوح وسط غابة من الغيوم الملبدة بشتي انواع التهديد العنيف من ارهاب وفساد وتغيرات في موازين القوي علي الكوكب بالتوازي مع سقوط دول وأنظمة وتشرد شعوب .
ايها الشعب العظيم لا تتردد ابدا ولا تبخل علي نفسك بالمزيد من الإنجازات والنتائج التي يمكنك أن تبهر بها كل دول العالم الي جانب صلابة عزيمتك ومدي صمودك وتميزك الفكري ورقيك الإنساني الذي قد يراه الجميع ولا تلحظه انت ايها المصري ، فكل دول وأجهزة العالم لم تستطع أن توقف تعبيرها عن ذهولها باستيعاب مصر وشعبها لأعداد هائلة من اللاجئين والوافدين اليها هربا من جحيم السقوط والانهيار الذي يحدث في بلادهم وعلي أراضيهم بينما الجميع في كل دول العالم يصطرخون من أعباء وتبعات توافد اللاجئين من العديد من الدول إليهم في ظل تنامي موجات الإرهاب التي طالما صاحت القيادة المصرية ونادت العالم بأسره بألا يدعموا إرهابا وان لا يتركوا للإرهاب مأوي الا ويطهروه من عناصره وداعميه ومموليه.
ايها السادة أن الوطن يناديكم ويناشدكم بتكثيف الاصطفاف حوله وحماية حضارتكم بمزيد من الانتماء والتحضر والاستزادة من العلم واتقان العمل وبذل الفكر والجهد والعرق والمال من أجل ليس فقط تلك الإنجازات وتحسن الأحوال المعيشية و ارتفاع مستوي الدخل ولكن من أجل مهمة اسمي وارقي الا وهي استعادة الريادة الحضارية لإنقاذ العالم من السقوط في براثن العنف والإرهاب والتشتت والتشرذم الذي تقوده اطراف ليست هينة كما أنها أيضا ليست نظيفة ، اليد ولاوطاهرة النية ، لذلك فقد أصبح واجبا علي كل مصري ومصرية ايا كانت أعمارهم أن يحملوا لواء التنمية في كل جوانب الحياة وأن يتكاتفوا من أجل استمرار وتأمين كل عناصر الحياة الآمنة المستقرة والمتنامية اقتصاديا حتي يحقق المصريين انتصاراحضاريا جديدا يفتح له التاريخ صفحات من نور ليسجل فيها الأهمية بل والضرورة الحتمية لوجود مصر العالمية القدر من أجل العالم الذي بات لا يقوي علي الصبر.

جريدة الجمهورية

6/4/2019