10 ملايين مصري بالخارج

10 ملايين مصري بالخارج

وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء فان تعداد المصريين العاملين بالخارج حوالي عشرة ملايين نسمة يتواجد  منهم فى المنطقة العربية وحدها ثلثي هذا العدد بينما يتواجد اكثر من مليون ونصف مصري فى منطقة اوروبا و يتوزع حوالي اربعة فى المائة من المصريين العاملين بالخارج بين الدول الاسيوية واستراليا فى مقابل اقل من نصف فى المائة من اجمالي عدد المصريين العاملين بالخارج فى افريقيا.

ان هذه الارقام الاحصائية البسيطة تثير اسئلة استراتيجية تحتاج الى اجابات حقيقية لانها تتعلق بموضوع استراتيجي وحقيقي وهام وهو ” قدرات التاثير المصرية العميقة في المجتمع العالمي وحجم الاستفادة من تواجد وتوزع العشرة ملايين مصري حول العالم ومدي تاثيرهم على المجتمعات التى يعيشون فيها والقطاعات التى يعملون بها ” وابدأ هذه الاسئلة بالتالي : ما هو حجم الفكر والجهد والميزانية المرصودة من اجل تفعيل التواصل العلمى والإعلامى والاجتماعى والوطنى بين المصريين العاملين بالخارج وبين المؤسسات العلمية والاعلامية والاجتماعية والوطنية المصرية؟ ثانيا : كيف يتم رصد وتقييم حجم ونوع المشكلات التى تعوق استقرار المصريين العاملين بالخارج حتى يمكن الاستفادة من تواجدهم فى المجتمعات التى يعيشون فيها ؟ ثالثا ما هى الالية المثلي لحفز الجهات الرسمية المصرية لتقديم أنماط جديدة من الأجراءات والأليات وأساليب التعامل مع المصريين العاملين بالخارج وكيفية احتضانهم وطنيا و دعمهم اجرائيا والاستفادة منهم استثماريا فى الداخل وتأثيرا كتليا فى الخارج.

ايها السادة ، لقدأصبحت مصر الأن بحاجة شديدة لإيقاظ وتنشيط والاستفادة من القدرات الهائلة المتناثرة حول العالم التى تكمن فى أبنائها ومواطنيها بالخارج والذين يشكلون بصورة أو بأخرى سفراء وممثلين وحراس لعظمة الحضارة المصرية والثقل الشعبى لمصر فى كل أقطار الدنيا وهم بطبيعة الحال يعتبرون الأداة والأذرع الحيوية لتنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة ، والترويج والاستفادة من الفرص الإستثمارية الداعمة لخطط التنمية ، ويشكلون حال إستقرارهم وتذليل الصعوبات التى تواجههم وتسهيل المسائل الإجرائية قاطرة قوية لتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وكذلك أهمية دور التواصل الاعلامى والعلمى  في ترقية مستويات التخاطب الفكرى والوجدانى والمستوى العلمى والمهنى والثقافى فى تمكين وتعبئة وحشد طاقات المجتمع كيفما وأينما توزعت شرائحه فى الداخل والخارج، ذلك بالإضافة الى دور الجهات الرسمية والقيادية فى تبنى ودفع الجهود الرامية لتحقيق عاملى الاستقرار ودفع عجلة الإستثمارات المصرية والعالمية المشتركة فى مصر بإعتبار ان القدرة الإقتصادية لمصر ككل هى صمام الأمان لكل المصريين وعلى رأسهم المصريين العاملين بالخارج والذين يشكلون فى حد ذاتهم كتلة تفرض نفسها على رأس قوائم الأولويات الوطنية بل تعد أيضا  صناعة مهمة يدر الاستثمار فيها عوائد مالية مثل الاستثمار في اوجه النشاط الاقتصادي الأخرى.

ان الإستقرار والإستثمار هما وجهى العملة الغير قابلين للإنفصال، وعلى قدر الإهتمام بكافة تفصيلات وشئون المصريين العاملين بالخارج بقدر ما يمكن أن يشير الى زيادة قدرة و تمكن مصر عالميا وتحولها الى العالم الأول بارتباط ذلك بمدى تواصل وتألف واستقرار ومشاركة المصريين فى الداخل والخارج ومدى كون هذه الوصلات الهيكلية بحق تشكل درعا واقيا ضد  الطفرات والهزات الاقتصادية التى تشهدها مصر كنتيجة لأى تغيرات على المستوى المحلى أو العالمى والتى أنتجتها الاحداث السياسية والامنية و الاقتصادية التي حدثت فى الماضى القريب أو حتى في العقود القليلة الماضية ولاسيما الأزمات المالية والاقتصادية خلال العقدين الأخيرين، وكذلك الاحداث السياسية التى وقعت فى مصر و في بعض الدول والتي خلقت مناخا جديدا يستهدف تحقيق مبادىء الحرية والشفافية والمصداقية والعدالة والتواصل والتكتل والتآلف،

في ظل هذا المناخ الجديد والجهود الكبري التى تبذلها مصر وسط زخم الاحداث الكبري فى هذه المرحلة التاريخية الهامة وما يفرضه ذلك من الحاجة إلى بلورة صيغة جديدة للتعامل مع الكتلة الفارقة والمؤثرة والمتأثرة بكل المتغيرات والأحوال الإجتماعية والإقتصادية ألا وهى المصريون العاملون بالخارج بشتى تنويعاتهم وتنوع مميزاتهم وإمكاناتهم وأهمية كل ما يمثلونه من قوى دافعة لمسيرة مصر الحضارية وتأثيرها فى العالم أجمع على كافة المستويات ، ادعو القيادة المصرية والجهات المسئولة الى تبني فكرة ( لطالما عملنا عليها بصورة مفصلة ) تاسيس كيان دولي في صورة مؤتمر مفتوح ومستمر ومنتظم الاحداث و الفعاليات الدورية للمصريين حول العالم والذي قد لن يتحقق الا بارادة سياسية وقرار رسمي وشعبي يتبني الفكرة ويعمل على بلورة مضمونها بصورة جادة ليعطى إشارة البدء لتحريك إحدى أهم قاطرات الإستقرار والإستثمار المصرى المحلى والعالمى والذى يؤمن مسيرته التجمع والتنوع الرسمى والوطنى فى الحضور والمشاركة والرعاية والاهتمام والتغطية الإعلامية الملائمة والاهتمام بالتفاصيل وجدية المتابعة ومراقبة تحقق النتائج على الأرض والعمل على تحقيق التواصل الفاعل بين المصريين العاملين بالخارج وبين كافة الجهات والمؤسسات المتعاملين معها حيث يجب ان يهدف هذا المؤتمر بصورة استراتيجية الى الحشد المتنوع للافكار والجهود والمساهمات فى العملية التنموية المصرية ككل من خلال انتاج قوالب جديدة من الخدمات والاليات والأجراءات  والكوادر المؤهلة للقيام بهذه الأعمال ولتحقيق فرص أكبر وأفضل للتكامل بين المصريين العاملين بالخارج وكافة المؤسسات الوطنية المصرية لتحقيق الإستقرار وتنمية الاستثمار.

ايها السادة انني ادعو بشدة الى  اقرار وتبني هذا المشروع العالمي الذي يخدم مصر حاضرا ومستقبلا بشرط ان تتجسد فى  هذا المؤتمر ثلاثية من الزوايا الاستراتيجية هى التواصل الفعال والرعاية الرسمية والمتابعة المستمرة  والتى تحقق التواصل الفعال على المستوى العلمى والإعلامى بين المصريين العاملين بالخارج وبين كافة القطاعات الرسمية ذات العلاقة بهم فى مصر والعالم والعمل على توفير فرص حقيقية لاصحاب الافكار والاطروحات وايجاد أليات لرصد المشكلات والعمل على ايجاد حلول لها والدور الرسمى الذى تحققه الرعاية الرسمية للمؤتمر من جهات رسمية عديدة تجتمع كلها تحت سقف واحد لتؤدى دورا اكثر فاعلية وتقترب أكثر من الواقع وما يحويه من مجموعات عديدة من المتطلبات الحيوية للمصريين العاملين بالخارج والدور الدائم والإستراتيجى للمؤتمر وهو استمرار المتابعة والأنشطة والفعاليات محليا وعبر دول العالم للوصول الى أقرب نقطة لتواجد المصريين العاملين بالخارج ولتسهيل تحقق إستقرارهم وتقوية موقهم وقدرتهم على استثمار كافة المقومات المتوفرة لديهم والتى يمكنوعلى اقل تقدير ان تتمثل فى إقتراح أليات لحل المشكلات المتكررة والطارئة والخروج بأفكار واضحة لتحسين وتقنين إستقرارأوضاع الجاليات المصرية بالخارج او تقديم رؤى وتجارب وعرض متطلبات لتسهيل وتشجيع الاستثماروايضا مناقشة كيفية زيادة التواصل والتحسين والتطوير العلمى بالاضافة الى بحث أساليب جديدة للتوجيه الوجدانى والتواصل الإعلامى والاجتماعى والمشاركة الوطنية وقبل ذلك كله كيفية تفعيل دور السفارات والقنصليات لتكون بمثابة البيت المصرى الحقيقى للمغتربين ولا ننسي الضرورة الاستراتيجية لوضع برنامج وجدول زمنى لرحلات وقوافل خدمية واحتفالية للتواصل مع الجاليات المصرية بالخارج…….الخ.

ايها السادة ، ان المصريين فى الخارج والذين يشكلون الخطوط الأمامية والسفراء الحقيقيين الممثلين للشعب المصري فى كل أنحاء العالم ، يفتقدون دفء الوطن والوطن يفتقد نتاجهم الفكرى والمادى ، يحتاجوننا ونحتاجهم ، يمثلونا ويجب أن ندعمهم ، اللهم اني بلغت فيارب يسر ووفق لتحيا مصر دائما عفية وغنية.

جريدة الجمهورية

12/11/2018