سفينة الوطن

سفينة الوطن

مباشرة ومن اول سطر، الي اين تتجه سفينة الوطن ؟ واين سترسو؟ الي اين نحن ذاهبون فى وسط غمام الاحداث بين غيوم صراع المفاهيم الوطنية وهجوميات اعداء الوطن ومن يوالونهم من الخائنين؟ اقول هذا حتي لا نفقد جزءا ليس بالقليل من الظهير الشعبي المؤيد والمساند لبقاء واستقرار وثبات وامن ونماء الدولة ، ان ما نراه جميعا وبصورة يومية من غرائب ما يطل علينا من عجائب شاشات القنوات و طرائف صفحات التواصل الاجتماعى وغيرها من المحافل من مزيج ضخم من المتناقضات التى تتارجح بين اجتهادات المجتهدين وافتاءات من لا يعلمون والتأييد الزاعق و لا علمية العملية الاعلامية والترويجية الوطنية والتباين الظاهر في مستوي الاداء المهنى للقائمين على اعداد وادارة المحتوى والحوارات الصوتمرئية ذات الطابع الوطني و تعدد الاستراتيجيات بين الجهات والوسائل على الرغم انها من المفترض انها كلها تروج لمفاهيم موحدة تساعد الجماهير المصرية فى الداخل والخارج على فهم وادراك ابعاد الموقف المصري كله بجميع جوانبه وخاصة اننا بالفعل نعيش مرحلة يحدث فيها زخم ضخم من الانجازات التى من المفترض ان وسائل اعلامنا وهيئاته ومجالسه ومنظومة التثقيف العام تعمل لاهثة علي ترويجه وتسويقه داخليا وخارجيا بصورة تنعكس ايجابيا على مجريات الامور من خلال التفاف واصطفاف الجمهور العام حول مسيرة سفينة الوطن وتأمينها وابقائها فى مسارها على السطح دون اى تأرجح واهتزاز ، ان مجمل ما يحدث في هذا الشأن قد يكفي تماما للقضاء على نسبة كبيرة مما نحتفظ به من طاقة ايجابية ونحن على متن سفينة الوطن نصارع قيادة وشعبا امواج المتغيرات والصراعات المعقدة على الساحة الدولية من جانب والتدفقات السلبية والمثبطات من الداخل .
من هو المسئول عن تخطيط الخطاب الاعلامي ( الصوتمرئي ) الذكي فى الداخل وفى الخارج ؟ ماذا تفعل وسائل الاعلام وشبكات العلاقات العامة المصرية فى الداخل والخارج من اجل بناء وتثبيت صورة مصرية راقية شديدة الوضوح تعبر بحق عن السياسة المصرية وفلسفة الانجاز المصري الحالي فى ظل المتغيرات العنيفة والمعقدة؟ ، ما هى استراتيجيات التنوير للمواطنين التى تستخدمها مثلا الهيئات المسئولة عن الثقيف والاعلام الخارجي من على ارض مصر ومن منصات عالمية على اراضي العديد من الدول الصديقة على الاقل وما هى استراتيجياتها فى الترويج الاعلامي والمعلوماتى والحضاري والسياسي والاقتصادى عن مصر حول العالم ؟ وهل لدينا تحالفات اعلامية فى كل قارة ؟ هل لدينا شبكات للعلاقات العامة فى المجتمعات التى تعمل دولها ضد مصر وهل لدينا اى شراكات واضحة داخل الدول المؤيدة والصديقة على المستوي الاستثمارى والاعلامي والترويجي ؟ وهل لدينا شبكات ذكية على المستوي الالكترونى ؟ ، مع العلم ان ما يقرب من نصف عدد سكان الكرة الارضية يتواصلون الكترونيا او من خلال تكنولوجيا المعلومات بصورة عامة بالاضافة الى دخول اكثر من نصف مليون مستخدم جديد الى وسيلة تواصل اجتماعى كالفيس بوك فقط يوميا ، وفي ظل ان نصف من لا يستخدمون الانترنت مثلا يعيشون مع شخص على الاقل من المستخدمين اى ان انتشار الاخبار والمعلومات صحيحة كانت او مغلوطة هو كانتشار النار فى الهشيم ولهذا السبب وغيره نجد ان ما تبثه العديد من وسائل التواصل الاجتماعى نقلا عن وسائل الاعلام المتباينة يشكل في مجمله قذائف فكرية ووجدانية قاتلة ومدمرة بينما السفينة تسير بسرعة فى اعالي البحار يقودها رئيس يحاول ضم الجزر المنعزلة فى رحلة البحث عن مزيد من التأمين والدعم لتثبيت واستقرار سفينة الوطن فى مواجهة العواصف الغادرة والامواج الهادرة ومصائب الزمان وهو الذي اطلق من قبل عبارة ” البلد اللى بتروح ما بترجعش تاني” فى اشارة الى وجوب وضرورة واهمية التكتل والتكاتف والاصطفاف الوطني ونبذ اي خلاف والعبور فوق كل اختلاف حتي يستقيم مسار رحلة سفينة الوطن لينجو الجميع بدون استثناء ويعيش الجميع بدون اقصاء.

عندما نتغافل جميعاعن كل ما يحدث يوميا من متناقضات وتخبط فى التناول الاعلامى والتغريد والنشر الاجتماعى الذي قد يصيب حتي بعضا من صفوف المرابطين خلف الرئيس من كافة الطوائف والمهن وفى مقدمتها الاعلام ايمانا منهم باننا جميعا فى خطر الا اذا تلاحمنا من اجل البقاء واكرر البقاء فان هذا التغافل قد يكون هو نفسه القاتل الصامت الذي يحصد الارواح الايجابية لتتأكل معها جبال الاصوات التى تحتاجها العملية الانتخابية لتعبر سفينة الوطن بقيادتها المنجزة المرحلة الانتخابية الي فترة ثانية لنستكمل كما وكيفا ما تم انجازه من الاف المشروعات في الفترة الاولي.

ايها السادة نحن الان فى اشد الحاجة لتغيير نوعى على مستوي الفكر والتناول وايضا اسلوب الترويج بصورة رسمية وبصورة شعبية كي نقوي من صفوف الفرسان والرماة والمحاربين من خلال الاعلام ودوائر العلاقات الداخلية والخارجية من اجل تأمين مسيرة سفينة الوطن فى رحلتها الى بر الامان واعتقد ان المبادرة بعمل تغييرات نوعية فى الاداء ومنهجية وادوات ووسائل وقوالب التوجيه الفكري والوجداني والتنويري لا تحتمل اى تاجيل حتى على مستوى الساعات وليس الايام والاسابيع فقد يكون التأجيل اخطر مما يتصوره حتى القائمين على قراءة بوصلة اتجاه الاحداث وتوجيه دفة القرارات والاجراءات واعتقد ايضا انه يجب المبادرة الان واعني الان فى الدفع بنوع جديد من الافكار الذكية الممزوجة بمزيد من الاطلاع على مجريات الاحداث الدولية المتسارعة مع الحرص على التحضر وعلمية الطرح المشوبة بالذكاء والمطعمة بالحرفية المهنية مع اضافة انماط جديدة من الوجوه والالسنة التى تعبر عن عقول اكثر نضجا وحبا وانتماء وعلما بمقومات مصر الحضارية ولديها رؤى شديدة الوضوح وحرص كبير على دفع وتصويب كل الجهود الرامية الى عودة مصر لريادة الحضارة والى مقدمة الصفوف العالمية من الدول والمجتمعات المتالقة واعتقد انه قد ان الاوان لبث دماء جديدة داعمة للخبرات والقيادات الحالية كي تكون قادرة على ضخ المزيد من الافكار والطاقات الايجابية المصوبة علميا وفكريا وعمليا وثقافيا فى الداخل والخارج.

الي فخامة الرئيس اقول… نظرة واحدة على الساحة الوطنية وسترون بعينكم انه قد يكون من الافضل ان نهتم بالايعاز الى كافة القوى الوطنية للخروج من اسلوب كثافة التأييد النظري الى ضرورة تحول تلك الظاهرة الى احراز اهداف وطنية عملية تظهر فى نتائج واضحة تعبرعن فكركم وتكمل جهودكم ولنكتفى بهذا القدر من الانتاجية النظرية التى تتبناها الكثير من الكتل الوطنية والمؤسسات بكل تنويعاتها والتى قد تؤدي الى تسجيل العديد من الاهداف السلبية فى مرمى الوطن لتتحول بصورة او باخرى الى ذريعة تستخدمها ميليشات تتارالاعلام المضاد فى الخارج والذى يقذف سفينة الوطن يوميا بوابل من السهام المسمومة وهى تجري بنا فى موج كالجبال.

يشعر الكثير من الناس وخاصة المعتدلين والعقلاء والحكماء والخبراء والمطلعين والمراقبين وكل من لديهم القدرة على القراءة الصحيحة لحقائق ما يدور من احداث وتحركات ومواجهات بين كل اللاعبين فى المباريات الدولية ضمن بطولة السيطرة على العالم وفي مقدمتهم امريكا وروسيا وايران وحلفائهم ومن يلعبون معهم من اجل الشهرة او محاولة اقتناص اى فرصة للحصول على ما قد يعينهم لاستعادة السيطرة من اجل تنفيذ مخططاتهم لهدم الحضارة فى الدول التى يستهدفون نهب ثرواتها ومواردها واستعباد شعوبها ، يري الكثير من هؤلاء الذين تنبض قلوبهم بدماء الانسانية وتأبي عقولهم الا ان ينتصر الحق ويسود السلام ، يرون كلهم اننا فى مرمى الاستهداف من قبل كل هؤلاء الطامعين بلا استثناء ويري هؤلاء الذين يخشون على ما تبقي لدينا من مقومات الحياة وانا منهم اننا يجب ان نستخدم كل ما لدينا من فكر وطاقة وعلم وخبرة وجهد من اجل الحفاظ على سفينة الوطن والتى نعتبرها فى ايامنا هذا فى مصر انها قد لا تقل اهمية قصوى ابدا عن سفينة نوح حيث انها تحمل على متنها بالاضافة الى اهلها من المصريين بكل اطيافهم العديد من بقايا شعوب المنطقة الذين سقطت دولهم ويسعى مجرموا الحرب الحاليين للاجهاز على ماتبقي من تلك الاوطان المنهارة.

انها مصر ذات القدر المهيب والاهمية الكبري والموقع الاستراتيجى ومخزن الحضارة ومعرض التاريخ وخزائن الارض من الموارد ، انها مصر التى نشببها بسفينة نوح ولا نريد لها ابدا ان تتحول لسفينة النوح ، ونعلنها بوضوح ، اننا نريد ان نكتفي بهذا القدر من النواح الهزلي والانتقاد السلبي والتأييد اللاواعى والغير مدرك لحقيقة الامور واقولها مرة اخرى نكتفي بهذا القدر من الاداء الفضائي والالكتروني المجتمعى الغير ناضج الذي يبرز سطحية الثقافة والقدر الهزيل من الادراك الرشيد لابعاد الامور ، انها مصر التى تستحق ان يعلي شعبها قبل اجهزتها رايتها متفاخرا بصمودها ، انها مصر التى يجب على هيئاتها الاعلامية والثقافية واجهزتها العلمية والامنية ان توفر لها مقومات القدرة على الاستمرار والعودة الى مقدمة صفوف المتنافسين على ريادة السلام والنماء ، انها مصر التى لا يعلم قدر قدسيتها الا الله الذى منحها هذه القدسية وجعلها ملاذا امنا للشعوب الهاربة من عتاة المجرمين ، انها مصر الحاضنة لانبياء الله واوليائه الصالحين ، انها مصر التى تستحق منا جميعا ان نعلم عنها ما يجب ان نعلمه ونري بام اعيننا ونطأ بارجلنا كل شبر رائع وفريد من ارضها لنزداد ثقة ويقينا بانها تستحق اكثر من كل ما نفعله لاجلها ، انها مصر التى حماها الله وحفظها من مصير محتوم مرات ومرات لتعلم الاجيال البشرية المتوالية انها بحق المحروسة وانها ستظل دائما وابدا سفينة نوح ، اذن فليتوقف الصراخ والعويل والهتاف الاجوف والنوح فوق المنابر والصروح وليتخذ كل منا موقعه الحقيقى ولندعم جميعا مسيرة الانجاز ، ولندفع السفينة الى الامام ولنأتى بمزيج حديث من الفكر والثقافة والعلم والاعلام والاقتصاد والفنون ولنعيد اكتشاف ام الدنيا ولنخرج بعضا من كنوز حضارتها الى النور باعلامنا ولتنتفض هيئات الاعلام والاستعلامات والثقافة والبحث العلمى لتجذب الينا العالم المتحضر الراغب لمصر ان تنمو وتزدهر بدلا من ان تظهر للعالم برعونة العجائز انها تخبو و تنتحر.

جريدة الجمهورية

2/3/2018