أيها الشعب العظيم

أيها الشعب العظيم

نحن في مرحلة انتقالية بين فترة ماضية اظلمت فيها الدنيا نتيجة عواصف تكتيكية اشتركت فيها قوى دولية مستغلة ضعفنا وكسلنا وبين مرحلة مستقبلية تحتاج الي الكثير من الاعداد والعمل المضني حتي لا تتكرر مثل ما كان من العواصف والاختلافات السياسية و الفكرية ، هكذا اري موقفنا الشعبي الان وهكذا اعتقد لان ما مررنا به من مرار لا يجب ان نمر به مرة اخري ومن لا يتعلم من ماضيه سيصعب عليه الاستفادة من حاضره و مستقبله.
في الحقيقة ، اذا توقفنا قليلا امام المشهد الحالي فسيمكننا وبسهولة ان نجد ثلاثة انواع من الناس النوع الاول يعمل بكثافة دون كلل ويضخ الطاقات الايجابية والنوع الثاني يكثر النقد والسب واللعن و يبث الطاقة السلبية اما النوع الثالث فهو مستمر في الترقب بحذر فتارة يميل الي الشعور بالطمأنينة لما يشاهده من انجاز وتارة اخري يتم استمالته من خلال الضغوط الموجهة للشعور بالقلق تجاه ما يحدث خلال هذه الفترة الانتقالية من تاريخ الوطن.
ان عدم احاطة الكثير من الناس بابعاد وخلفيات ما يحدث في دروب ومضائق وممرات العمليات السياسية والاقتصادية العالمية وحساباتها المعقدة ومتغيراتها السريعة يؤدي دائما الي ردود فعل ملتهبة ومشحونة بالنقد اللاذع والتشكك والريبة بل والمعارضة لاي قرار يتم اتخاذه بل واي انجاز يحدث فعليا علي الارض فيذهب الكثيرون لانتقاده ورفضه والتشكيك في جدواه بل ويعلن هذا الفريق من الناس عن استنكارهم مثلما نراه في تعليقاتهم من خلال انتقاد واضح للمبادرة بافتتاح المسجد والكنيسة وبصورة مبكرة في العاصمة الادارية الجديدة والتي يري المنصفون انها علامة علي الطريق واشارة تنير الطريق وتنبه العالم في صورة رسالة مباشرة تعبر عن رسوخ العقيدة المصرية بطرفيها وتوجههما الروحي والنفسي وتمسكهما بترسيخ المزيد من الجذور و الاعمدة التي يرتفع بها البنيان المصري علي طول الزمن.
دعونا نفكر فيما يحدث بصورة عامة ولنطرح اكثر من سؤال يحتاج الي اجابة مثل ماذا يريد المعترضون بالضبط ؟ هل يريدون ان تتصرف القيادة وفقما ترغب كل فئة وفقا لرؤيتها المحدودة وانغلاقها علي مطالبها الحياتية دون الاكتراث بعموم احتياجات سفينة الوطن لتامين خط سيرها واستمرارها في تقدمها وتوازنها بما يضمن عدم جنوحها او غرقها؟ او هل يريدون ان يوقفوا مسيرة الانجاز وما يتم بناؤه من اجل الجميع وفق رؤية وخطط واضحة لتستفيد كل الشرائح بصورة عامة مهما كلفنا ذلك من جهد وصبر ومعاناة و وقت ؟ ام هم الان يزهدون في قيادة لا تمل من العمل بينما معظم المنتقدون نائمون ومسترخون ؟.
ان من لا يعمل قد لن يخطئ لانه لا يقوم بآي شئ ولكن من يعمل وخاصة من يعمل كثيرا قد يخطئ وقد يتعدد خطأه كنتيجة لكثافة العمل وتعقد الموضوعات وتعددها وكثرة ابعادها واتساع رقعة ميادينها ومجالاتها وكثرة العاملين فيها فماذا ينتظر اولئك المعترضون المنتقدون علي وجه التحديد ؟ هل يريدون قيادة لا تعمل ام يريدون قيادة ملائكية لا تخطئ ام يريدون قيادة تطبطب ولا تنجز ام يريدونها مسرحا لتدخلات تلك القوى التي لا يهمها مؤيد ولا معارض ولا منتقد و لكنها تهتم فقط بل تعمل يوميا علي محاولة هدم كل ما يتم بنائه و ضرب كل ما يمكن ان يستفيق ارادة الانسان المصري ليستعيد مجده وبصون بصون عرضه ويستفيد من ارضه .
ايها السادة هل نحن امام انتقاد ام اعتراض ام مجرد امتعاض ؟ وهل نحن جميعا حريصون علي انجاح هذه المرحلة من اجلنا جميعا ام اننا لدينا الوقت والفراغ للمشاهدة واصدار الاحكام و الاكثار من التعليقات واطلاق الاشاعات؟ ، هل نحاسب انفسنا كل في مجاله وحياته علي انجازاتنا او علي الاقل ما يجب ان نقوم به يوميا من اجل انفسنا ومن اجل انتاج ما يضمن لنا البقاء آمنين مستقرين ومستمرين في حياتنا نحن واولادنا واهلينا ؟ هل اداؤنا نحن الشعب يليق بما يحتم علينا تاريخنا وحضارتنا ان نكون عليه الان في القرن الواحد والعشرين ؟ ام ان الكسل الفكري والانتقاد والامتعاض واصدار الفتاوي والاحكام علي اي كان ممن يعملون دون كلل او ملل اصبحت من اهم مقومات حياتنا ؟
هل سألنا انفسنا بوضوح سؤالا يجب ان يتصدر كل اسئلتنا الا وهو هل نحن راضين عن انفسنا ؟ وهل نحن بالفعل نقوم بما يجب ان نقوم به وهل نحن علي القدر الذي يليق بمكانتنا الحضارية او علي الاقل هل نحن كشعب لدينا حاليا المقومات العلمية والثقافية والاخلاقية والمهنية التي تتصف بها الشعوب التي انتجت وانجزت واغتنت وصارت في مقدمة الامم الصانعة للحضارة والمانحة للحياة ؟ .
ايها السادة انا فقط اعبر عن رؤيتي كواحد من المصريين الذين سئموا و ملوا مما يلاقيه اي انسان من انتشار الجهل والعنف و التدني الاخلاقي و عدم الالتزام بالقانون ولا حتي بابسط القواعد والاعراف فاذا سرت في شوارعنا وجدت الكثير من الناس مخالفين مروريا وعشوائيين في تعاملهم ومسيئين لانفسهم ولغيرهم بالقول وبالفعل بينما الباقون لا ينتقدونهم ولا يشعرون باي اساءة ولا حتي باي الم نفسي ويكتفون بالصمت او التمتمة فقط بكلمات تعجبية .
هل نحن الشعب علي الطريق الصحيح الذي يليق بنا وهل نحن جميعا نعلم ما يجب علينا ان نعلمه ونقوم بما يجب علينا ان نقوم به تجاه انفسنا اولا ثم تجاه الاخرين وتجاه الارض التي نعيش عليها بما يضمن لنا الامن والامان والسكينة وسبل العيش الكريمة التي هي في الاساس لا تتيسر الا بالعمل والجهد ويسبقهما العلم والاخلاق و قبل هذا كله المرجعية الروحية التي تضبط اداء الانسان كي يكون سويا وجادا وملتزما ومتقنا لما يعمل و معمرا لارضه و نافعا لنفسه ولغيره ومتسامحا مع الاخرين وناشرا للسلام اينما كان وكيفما كان البشر الانسان في كل زمان ؟ايها الشعب العظيم هلا تروينا وهدأنا واهتدينا و اعتدلنا وانصفنا واضفنا وبنينا وانجزنا واعطينا كل ذي حق حقه

جريدة الجمهورية

11/1/2019