هل نحن مازلنا فى احتياج الى تحفيز وتنشيط لفكرة ومضمون الاستفاقة الحضارية ؟وهل الى الى هذه الدرجة لايزال اعلامنا قاصر عن تأدية الدور الفعال فى دفعنا الى مستقبل افضل ؟ وهل نحن امام معضلة ثقافية كبيرة تحول بيننا وبين انتقالنا الى مصاف دول العالم الاول؟ نعم ، نعم، نحن بالفعل امام تحديات هائلة وصعاب مركبة واعداء متنوعون بل اننا بالفعل امام حروب متعددة الكيف والكم والنوع ، والاخطر من هذا كله ، اننا لسنا على مايرام على المستوي الانساني والفكري وحتى على مستوي الاداء المهنى بل والشخصي ايضا.
ايها السادة نحن بحاجة شديدة الى منظومة ثقافة و اعلام حضارية ايجابية مبشرة جديدة تلتزم بالأسلوب المتحضر فى كافة مراحله وتهدف الى الخروج من أنفاق وسراديب ومتاهات المنعطفات السياسية والطائفية والاختراقات الاجنبية والاستعمار الفكرى والغزو الثقافى والتأثير الدولى السلبى والتوجيه المضلل للجمهور والجهل والابتذال المهنى.
ان الواقع العربى الحالى يجب أن يفرزثقافة نظيفة و إعلاما متطورا، ليس فقط مهنيا بل ومنافسا عالميا و مصقولا بالهوية العربية و حاميا للحقوق الإنسانية ومتميزا بالشفافية وملتزما بالحرية المسئولة ، واننى دائما اؤكد على ان الإعلام العربى الجديد الذي من المفترض ان تدعمه ثقافة انسانية راقية يجب أن يكون وبحق النافذة المطلة على المستقبل الرغيد والحلم العربى المتكامل والأداة الحقيقية للنقل الأمين والطرح الآمن والرؤية الحكيمة والمبادر بترسيخ ونشر وترويج مفاهيم الحرية المسئولة والحلم والعلم والسلم .
ايها السادة المسئولين يجب ان تتذكروا دائما وابدا ان الإعلام المدعم ثقافيا هو القطاع ذوالأولوية المطلقة فى توجيه الوجدان الوطنى وشحذ الهمم بإتجاه الهدف العام للامة ورخاء شعوبها والإستراتيجية التى تم تناسيها هى نفسها سبب تحقق ما تصبو إليه أى قيادة لأى دولة طالما كان الشعب والمكانة الدولية لها وإستمرارها فى تطوير ذاتها بذاتها هو محور إهتمامها ألا وهى الثقافة المتحضرة والإعلام الغيور وعليه فقد رفعت منذ ثماني سنوات وعلى وجه التحديد فى ورشة مؤتمر تطوير الاعلام المصري شعار يعبر عن الحقيقة الغائبة وهى :إعلام مصر = إعلاء مصر.
لا ادري لماذا يتناسي او يتجاهل الكثير من الناس والمسئولين عن المجال بل والمسئولين عن ثقافة الشعب إن الإعلام هو روح ومتنفس ومرآة الحرية و الحضارة و هو القطاع الإستراتيجى الأهم على الإطلاق لزيادة الوعى بالثقافة والأصول الحضارية الدافعة للمستقبل الرغيد ونشر فكر الحرية المسئولة وعمودها الفقرى الذى هو بحق الادراك الحضارى وتحقق الفكر الواعى الذى يتبنى الجهود التى تبذل من أجل تحقيق السلام والعدل والتسامح العام على الأرض وحيث أننا نرى بأم أعيننا الضرورة الحتمية لزيادة الوعى والإستيعاب الحقيقى لمفهوم الحرية المسئولة والعدل والسلام الاجتماعى بهيكله الكامل فإننى اعتقد بضرورة وأهمية بل وحتمية وجود إعلام متطور فكريا ومهنيا وعلميا يهتم بالتحرير الحقيقى للعقول والمفاهيم والمجتمع من كافة الآفات والرؤى السلبية والفاسدة والمضللة والمهدرة لطاقات الشعب الفكرية والعملية ولذلك فانني ادعو جميع من له علاقة بهذا الشأن ان يعيدوا النظرفى اركان المنظومة الاعلامية وهيئاتها وكوادرها وقوانينها و انظمتها وان يضعوا نصب اعينهم اننا يجب ان يكون لدينا إعلاما مصريا عربيا وعالميا يدعم ويطبق منهج التطور والرقى للإعلام والإعلاميين فى آن واحد ، اعلاما حقيقيا يعمل علي تقديم الدعم العلمي والعملى و الخبراتي للشباب فى كل مكان واطالبه ببذل مزيد من الجهد لتوحيد مفاهيم و طرق و أساليب التثقيف الداعى للتحرر السلمى من السلبيات والتقويم الذاتى والمجتمعى لاننا نريد إعلاما يتبني تنمية و تطوير ثقافة الإعلامى المصري بل و العربى الحر المسئول صاحب الأداء الإعلامى المتميز.
ايها السادة نريد ميثاقا حقيقيا للهوية الثقافية والشرف الإعلامى العربي الهوية والعالمى المستوي بل نريد منهجا مقبولا ومحترما للعمل المشترك بين جنبات الامة العربية من أجل توحيد معايير الحرية المسئولة ، ميثاقا يهتم بالتدريب و التأهيل العلمي و المهني و إعداد الكوادر المتخصصة في كل مجالات وتطبيقات الإعلام المصري والعربى العالمى لاننا يجب أن ندرس بدقة أساليب و بحوث تطوير الإعلام المصري العربى والتسويق الإجتماعى و القوانين و القيود الحاكمة لأنشطة التحول إلى الأفضل من خلال وسائل الإعلام كي نتخير افضلها وانسبها للتطبيق وتحقيق اهداف فعالة.
ايها المعنيون بالامر اعتقد وبشدة اننا يجب أن نحرص علي تبادل المعارف و الخبرات بين الإعلاميين المصريين والعرب من المحترفين والخبراء و المهتمين والدارسين والباحثين وطالبى النصيحة والمتحررين من أى نقص فكري ويجب ان تكون لدينا الارادة وحسن الادارة لكي ننسق وننظم ونحفز الأنشطة الأكاديمية والتطبيقية والمهنية والدراسات والبحوث الإعلامية العربية الساعية إلى مؤشرات التنمية الحقيقية والتحرر النفسي الايجابي وإحقاق الحقوق وتعميم الحريات المسئولة و الصلاح المجتمعى العام.
ان الواقع يقول باننا بحاجة شديدة الى جهات مصرية عربية عالمية المستوي ترصد وتراقب وتراجع وتقيم علميا كافة وسائل الإعلام العربى فى كل الأطروحات الإعلامية ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بكل ما يخص تحقق أو عدم تحقق النمو والارتقاء والعدل والإصلاح المجتمعى والإقتصادى والأمن والإستقرار وسيادة القانون .
ومن هنا فاننى اشهدكم جميعا اننى ادعو إلى تنظيم مؤتمر مصري عربي الهوية فى أعضائه وعالميا المستوي فى محتواه بشرط ان يكون محترفا فى تنظيمه ومستمرا فى إقامته بصورة دورية ينطلق من منصة الإنطلاق التى إنطلقت منها قوة الطلب المتدفق بتحرير الفكر والحياة العربية من القيود المكبتة للفكر المستنير والتطبيقات الزائفة للحريات نهدف منه إلى زيادة نسبة الوعى بالمقومات الحضارية للانسانية ومفهوم الحرية المسئولة على ان تشتمل ورش العمل المكونة له على مزيج من افضل العناصر الاعلامية والثقافية والعلمية العربية العالمية الى جانب المفكرين وعلماء النفس والاجتماع والتكونولوجيا وخبراء الاعلام والتنمية الدوليين من كل الدول العربية ممن يطمحون للمبادرة بتطوير الإعلام ليكون روحا جديدة وأداة حقيقية للتعبير عن مفاهيم وتطبيقات الحرية المسئولة واحياء الحضارة على الأرض .
وانبه الى ضرورة ان يقدم هذا المؤتمر طرحا تنمويا لقطاع الإعلام الذى يعد المدخل النموذجى لتطوير كافة قطاعات المجتمع العربى ويجب ان يشتمل المؤتمر على ورش فكر وتطوير وعمل يشارك فيها مزيج من العقول الشابة والمهنية والخبرات العربية للخروج بمنطلقات فكرية ومقترحات لنماذج عملية وأليات يمكن حال تطبيقها أن تسهم فى زيادة الوعى بمفهوم الحرية المسئولة والاعلام الحضارى والتثقيف الافقي وذلك من خلال تطوير اليات ومعايير قياس وتقييم الأداء المهنى والتنموى للإعلام العربى بالشحذ الفكرى والمهنى والمجتمعى الذى يسعى لتحقيق رسالة تنموية تهدف إلى تأسيس ونشر مفاهيم الحرية المسئولة والامان والنماء والاداءالاعلامي المتحضر الفعال وإثراء وتنويع وتنمية الخبرات العلمية والعملية للإعلاميين العرب و التركيز على الإعلام التنموي و إلتزام المنهج الإيجابي و تطبيق المنهج العلمى فى التخطيط الإعلامى وتنشيط نظم تبادل الخبرات العالمية وتأسيس شبكة إعلام رقمية وفضائية عربية عالمية تدعمها قواعد بيانات متقدمة وتفعيل التواصل والمشاركة الفعالة بين الأفراد والمؤسسات الإعلامية وفق نظام يعتنق ويحقق مفاهيم وتطبيقات تشكل رؤية جديدة للإعلام العربى والإعلاميين العرب الهادفين لبناء الصرح الإعلامى العربى ذو الطابع الإيجابى الذى يركز على دعم روح الإنجاز القومى ودفع عجلة التنمية وزيادة الحرفية المهنية والإسترشاد بالمرجعية الوطنية والعمل بمنهجية علمية والإهتمام بالدراسة والتخطيط والتنفيذ الفعال وتقويم الأداء لضمان تحقيق التحول الحقيقى لمجتمع يؤمن بقدسية الوطن واهمية العلم وحتمية العمل الجاد والمخلص والمتميز الفعال .
ايها السادة نحن نحتاج الى إعلام عربى متطور ومنافس عالميا برؤية وهوية عربية مشتركة فى القيم والأخلاقيات والتوجهات بنفس الدرجة التى نحتاج بها الى إعلاميين مصريين وعرب مؤهلون بمواصفات عربية عالمية يعلمون ويعملون ويتفاعلون ويتفوقون مهنيا ووطنيا وفقا لرؤية مصرية عربية شاملة ومنهجية حديثة متكاملة وخطط متوازية مدروسة لتطوير الإعلام والإعلاميين العرب داخل اطار وبرنامج عمل مصري عربى متكامل علميا وعمليا واضح ومحدد زمنيا ومراقب لتنفيذ الخطط التطويرية.
ختاما اناشدكم حسن اختيار قيادات وكوادر العمل الاعلامي للمرحلة القادمة بصورة تليق بحجم ونوعية الانجاز المصري المتزايد عبر الوقت فى هذه المرحلة الحيوية الحرجة التى تحتاج الى قمة التكاتف والتكامل والتآلف والنظرة الايجابية المتفائلة من اجل تحقيق ” الحلم الغائب “. او الريادة الحضارية.
جريدة الجمهورية
25/11/2018