عقيدة الاقتصاد

عقيدة الاقتصاد

لماذا يكثر اللغط دائما حول الكيفية التى يمكن ان يتحقق بها النمو الاقتصادى ومدى اعتناق الناس فى العموم كمواطنين لمبدأ مسئوليتهم ودورهم الضرورى فى تحقيق النمو الاقتصادى الذى يعود عليهم بالرخاء والذى تنادى به الحكومات المتعاقبة بارتباط وفرة الانتاج بالرخاء وما علاقة هذا المبدأ بارتباط الاقتصاد بالعقيدة واكرر العقيدة وليس الدين ككل والذى يشكل دائما الجسد الذى يتم تعذيبه من قبل المتصارعين فكريا حوله والذين يجذب كل منهم احد اذرعه اليه ويجذب الفريق المختلف معه ليس فقط الذراع الاخر بل لقد اضحينا نرى من يجذبون ارجله ورأسه ليس فقط لاستمالة وتطويع هذا الجسد ( الدين ) لفكرهم بل قد يصل الامر لفصل احد اعضاءه بسبب قسوة الجذب والشد بينما نجد وقائع التاريخ التى لا يختلف حولها المؤرخون تثبت أن المظاهر المادية للحضارة والمظاهر الروحية لها لم تحققا عبر التاريخ حضارة مستمرة فى النمو بصورة شمولية وافقية تتوافق مع الاحتياجات الاساسية على الاقل للانسانية وفقا لشقيها الانسانى والبشرى فكل انسان بشر وليس كل بشر انسان من وجهة نظرى فالانسانية بشرية يرتقى منها من يرتقى الى مرتبة انسان وقد ينحدر أخرون ليتدنوا الى درجة قد تقل عن البشرية بصورة ليست بالقليلة.
ايها السادة ، انه الاقتصاد .. ذلك المصطلح الذى تحدد به الدول مراتبها ومقامها على الكوكب بل ويتطور الامر الى ان تقوم بعضها بتحديد دورها ودور غيرها بسبب قدراتها الاقتصادية دون النظر الى عقيدتها الحضارية .
انه الاقتصاد ..ذلك الحاضر فى مجتمعات والغائب فى الكثير منها ، الاقتصاد .. الذى صار معيارا لمدى احترام امم لغيرهاا ، لاقتصاد …الذى هو سبب رئيس من وجهة نظر الكثير من الدول لحملاتها على غيرها وسيطرتها على دول اخرى لامتصاص بل ولاجترار ما لديها من مقومات للثروة لا تحسن الاخيرة ادارتها وقد لا تعى اهميتها فتتركها عرضة لغارات المغيرين الطامعين.
الاقتصاد يا سادة ..الذى يرى البعض ممن لم يحظوا بحظ وافر من الحكمة انه المال وفقط المال والذى قد ينتج عن مجرد بيع ثروات ترقد فى باطن الارض او فوقها لم تجد من يعتقد فى اهميتها ليقوم صاحبها بالتفكير كثيرا وبذل الجهد فى تنميتها وترقية مستواها لتتحول الى صيغ قدراتية اكبر بكثير من حصوله فقط على المال الناتج عن بيعها.
الاقتصاد ايها السادة ، يتأثر كثيرا بالتركيب الطبقى للمجتمع والذى يشكل العمود الفقرى للدولة واما ان يكون مجتمعا متحضرا ومتعلما ومثقفا وواعيا ومدركا لابعاد ما يملك من هبات اودعها الخالق فى ارضه وفى موقعه وفى مناخه وفى بيئته وفى اناسه ويملك القدرات العقلية والنفسية وقبلها العقيدة الحضارية ليحقق بها النمو الايجابى ويبتعد عن النمو السلبى واما ان يكون محترفا في الهبوط سريعا في النزول ، وقبل ان يسال السائلون عما هو النمو السلبى فلينظروا الى احد مظاهره التى وثقها التاريخ ليظهر لنا ان النموالسلبى يقود الى التدهور الاقتصادى وان ارتفعت مؤشراته لفترة لان ( وهذا مجرد مثال بسيط غير حصرى ) المجتمع الذى يقوم على الطبقية كاساس للنظام العام يسوده الطغيان والاستبداد والظلم الاجتماعى وسوء التوزيع والاستغلال وقد حدث هذا فى اوروبا فى العصور الوسطى تحت مظلة النظام الاقطاعى وايضا عندما قام الكهنة بتأليه الفرعون الحاكم ساد التميز الطبقى وظهر النبلاء وبدأت رحلة حرمان الشعب من ثمار النمو الاقتصادى رغم كل شواهد الانجازات الحضارية العلمية والعملية لتلك الحضارة .
الاقتصاد ايها السادة يحتاج الى عقيدة كما يحتاج الى مقومات بشرية ومادية ولا يمكن ان يتحقق النمو الايجابى فى ظل عدم وجود اطر اخلاقية وهذا ما اضعف الماركسية المادية التى لاتعترف بالاله ولا بالدين ولا بالقواعد الموضوعية الثابتة للاخلاق
قد يظن البعض هنا اننى اتحدث عن الدين وقواعده وتطبيقاته وكل ما نراه من قوى الجذب الفكرى والمادى والمعنوى والتى تطور بعضها الى صيغ ارهابية تصاعد جزء منها الى الدموية والفاشية والسادية والانوية وقل فيها ما تشاء فهى فى الحقيقة من الفريق الذى يجذب انسانيته بل بشريته الى قاع الانحطاط اقول بل اؤكد لمن يظن اننى اشير الى الدين اننى ما اريد الا التذكرة بواجباتنا ومسئولياتنا الانسانية وليس فقط البشرية تجاه انفسنا محكومين قبل الحاكمين مواطنين قبل الحكومة مواطنين قبل الحاكم الذى هو الان اسمه الرئيس …أذكر يا سادة بان الاقتصاد هو عقيدة تدعمها منظومة فكرية واخلاقية بل ودينية طاهرة ذات رسالة حضارية ورؤية واقعية يجذبها الى الاعلى حلم وطنى شعبى حكومى رئاسى مشترك لتتخطى حدود ما قد رسمته لنا بعض الدول ذات القدرات الاقتصادية التى استحلت لنفسها ادارتنا وتوجيهنا بل وتحديد حركتنا بل وتطورت اساليبها الى استباحة السيطرة على احلامنا ليس فقط احلام اليقظة بل انهم يسعون وبشدة لتوجيه مسارات تفكيرنا وتأثرنا بالمعطيات الاعلامية لوسائل تهتم كثيرا بل وتفتخر بانها الناقلة لكل الطاقات السلبية تحت مظلة السبق والتغطية الانية والتحليل العميق ( المتضارب ) والذى لا يهدف الى الخروج باى نتيجة لدى المتلقى
انهم يحاولون بكل ما اوتوا من امكانات ومقومات ووسائل وتابعين وحلفاء ان يرغمونا الا نحلم واذا حلمنا الا نحلم الا بما يريدوننا ان نحلم به.
ايها السادة ممن حضر او شارك او شاهد او تابع المؤتمرات والمحافل الدولية العديدة التى تقام على ارض مصر لدعم الاقتصاد المصرى سواء فى شرم الشيخ او القاهرة سواء كنتم من المؤيدين او المعارضين أو المنبهرين أو المحبطين ارجو الا تفقدوا طاقة الامل ولا تتوقفوا عن الحلم ولا تستصغروا الانجاز ولا تتوقفوا عنده كثيرا بل استفيدوا من كل ما تم الحصول عليه واكملوا المسيرة واستثمروه واعتقدوا فى بقاءكم واعتقدوا فى نجاحكم واعتقدوا فى نصر الاله الذى طالما اغدق عليكم من نعمة الحفظ من الاشرار وغارات المغيرين.
اعتقدوا فى انفسكم وأزروا قيادتكم وادعموا نتائج الاحداث الدولية التى انطلقت من مصر وخاصة من جنوب سيناء وتتابع بعدها الزيارات والجولات التى استجلبت تأييد قوى التوازن الدولى لاهمية دعم الاستفاقة الحضارية لمصر من اجل العالم وبات لها اثار واضحة ، واطلقوا لافكاركم واحلامكم العنان لكى تستطيعوا استقبال النفحات الربانية التى تلوح فى الافق والتزموا بعهد الاخلاق وارفعوا راية العلم والتزموا ببذل الجهد فما سبقتنا اى من الامم الا بالعقيدة النقية الهادفة للعمار وليس الدمار والفكر المنظم والعمل الدؤوب والاخلاص لتحقيق الهدف ، وفى كل الاحوال ، فانتم ، وما تحلمون به فان كان خيرا لكم فسيكون كذلك باعتقادكم فيه وبجهدكم اللا محدود.
انتبهوا ايها السادة فلديكم نقطة انطلاق اجعلوها قفزة بتحرركم من قهر الجهل والكسل والتراخى والاحباط واياكم والصراع واياكم والخلاف فهو اسرع الطرق الى الاتلاف حمانا الله واياكم من السقوط فى براثنه وحفظ الله مصر وأحياها واقامها الى مقامها الذى اراده لها بحكمته عندما تجلى للجبل على ارض سيناء وما ادراك ما سيناء التى نحسبها دائما ارض النماء ولتحيا مصر دائما وابدا منة من الخالق وهديته الى عباده …زينة الامصار.. مصر التى فى خاطرى وخاطركم فلا تخذلوها.

جريدة الجمهورية

16/12/2018