شهوة الإرهاب

شهوة الإرهاب

في النهب الوحشي الذي أعقب الغزوات المغولية ، أهلك الغزاة سكان الصين وروسيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى الإسلامية. وفي وقت لاحق ، قام قادة المغوليون ، مثل تيمور ، على الرغم من أنه هو نفسه مسلم ، بتدمير العديد من المدن ، وذبح الآلاف من الناس ، وألحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بأنظمة الري القديمة في بلاد ما بين النهرين. هذه الغزوات حولت المجتمع المستقر إلى مجتمع بدوي
وعلى الوجه الاخر كانت موجة الإرهاب الثوري الذي هز روسيا في نهاية السبعينيات من القرن التاسع عشر ، ووصل إلى ذروته باغتيال القيصر الكسندر الثاني من قبل أعضاء Narodnaia volia (إرادة الشعب) في اوائل 1881
فى الحقيقة وعند التدقيق سنجد ان البشرية لم تصل الينا فى عصرنا الحالي الا على انقاض بشريين فاسدين مفسدين خائنين مخادعين ومعتدين عنيفين اغاروا بكبريائهم وطمعهم وشهوة العلو لديهم على العديد من الشعوب الانسانية وارادوا بها شرا وكادوا لها كيدا فانتصرت الانسانية فى الكثير من الجولات الكبري على العدوانية وقهرت شهوانية العداء و تقهقر شراذم الفكرالعقيم الا انها اي الانسانية لم تخلو ولم ولن تتخلص من توابع الجهل العنيف ونوبات شهوة العداء والاستعداء المستعرة على الرغم من تجدد الارسال السماوي فى فترات متتابعة باكثر من رؤية تثري العمق الانساني كي تتجدد في عروق الانسانية تلك القيم التى لم يزل المتهم الاكبر فى محاولات تدميرها هوابليس المعروف بـ لوسيفر و لان موضوع ابليس وجنوده هو شأن تم حسمه من الله بانظاره الى يوم القيامة فقد عقد ابليس النية واعد العدة وكان ولايزال وسيظل سببا ليس بهين لحدوث تلك النعرات المستعرة من الكثير من البشريين المستسلمين لمن يحرك شهواتهم العدائية وينبش مكامن الحقد والغل فى صدورهم ويطلق نفير الكبر فى نفوسهم فتعلو الأنا فى ادمغتهم فتجعلهم يظنون انهم الافضل فيحكمون على امم بعينها بالكفر وضرورة الموت ببشاعة كي تستسلم لهم تلك الامم فيستحلوا كيانها وشرفها ومواردها التى منحها الله اليهم.
نحن جميعا نعلم ان النضال الاقتصادي للبشرية من أجل العمل وكسب الرزق هو إلى حد كبير استمرار وتوسيع للنضال البيولوجي للحفاظ على الحياة والبقاء على قيد الحياة. ويتجلى هذا النضال كصراع اجتماعي دائم لا يمكن القضاء عليه من خلال قرار الإنسان القيام بذلك أو بالتطور الاجتماعي للبشرية وبالنسبة للاقتصاد العالمي الحديث ، على سبيل المثال ، فإن الصراع المتزايد على الغذاء والطاقة ، اعتمادا على العديد من نفس الموارد المحدودة والمتناقصة ، يمكن رؤيته في صدمات عديدة مثل أسعار السلع الرئيسية فى الفترة الاخيرة وهى مجرد مؤشر بسيط ْلمجموعة عوامل تتأثر ببعض المتغيرات الوقتية ، لتتحول المعضلة الاساسية من وجهة نظر العديد من الناس ايا كانت تبعيتهم الفكرية الى التفكر فى بدائل لمن لا يوفرون لهم الاستقرار المادى والمعنوى وليت الموضوع يكمن فى التفكر فى البدائل فقط ولكن نري بام اعيننا خضوع فئات وكميات ليست بالقليلة من البشرية لابليس وجنوده واعوانه البشريين ليقوموا وكانهم مسلوبي الارادة بشن غارات وحشية ويظهرون من خلالها تلك الشهوة القبيحة المتمثلة فى استعداء عنيف تغذيه طاقات سلبية مليئة بالحقد والغل النفسي والاجتماعى وهم لا يرون فى انفسهم الا منفذين لاحكام يظنون كذبا وافتراءا انها من الله ولا يملكون اى مستوي من القدرة على التمييز وابصار حقيقة انها صادرة من عدو الله وعدو ادم وعدو كل بني ادم ، المسمي ابليس ، صاحب الخطيئة الكبري بتعاليه على ادم وبتكبره على طاعة الله .
ان غارات الهدم والارهاب والازعاج والاندفاع وراء شهوة القتل والتهديد للسلام النفسي والاستقرار ليست مرتبطة بمنطقة معينة ولكن مع الوقت وكنتيجة لجهود نفس الشخصية المتمردة المستمرة عبر التاريخ تم انتاج اجيال جديدة من البشريين من اجناس متنوعة من اطياف الانسانية المريضة والتى تعتقد فى ان الله قد اوكل الي امثالهم تنفيذ احكامه واصلاح سائر البشر وللاسف فان ما يراه الناس فى كل مكان ان مجموعات المشاركين فى اى تنظيم ارهابي فى اى مكان فى العالم لا تربطهم سوي مجموعة افكار مشتركة تصنع منهم نوعية غريبة من البشر تكره الحياة ولاتري في الناس الا شياطين يجب حرقهم وكأن الاية قد انعكست واصبح الشيطان الفاجر العاصي هو التقي النقي وبات الناس جميعا بكل معتقداتهم وقيمهم واخلاقهم شياطين يجب التخلص منهم ومحو وجودهم.
ايها السادة ، ان الخوف كل الخوف ليس من الشيطان الاكبر الذي يعلم تماما مهمته ويخلص اليها وهي افساد بني ادم وهدم حضارتهم والذي لم ولن تنتهي مهمته هذه الا بقيام الساعة ولكن الخوف من الاتباع من الجهلاء والمتحولين فكريا وعقيديا وقيميا واخلاقيا والخوف دائما من تعاظم حجم وكم هذه الشرائح فى اى مجتمع والتى يساعد فى ظهورها ونموها بشدة التاخر العلمي والجهل العام والفقر الثقافي وضعف تطبيق القانون والاقتصاد المتصارع مما يؤدي الي اللجوء الى مستويات اعلي من المواجهة الحربية باستخدام الجيوش وارهاق المجتمع اقتصاديا ومعنويا واستنزاف الموارد باتجاه مواجهة الارهاب الذي لا يكف عن النمو والترعرع بين اظهرنا حتى اثناء تلك المواجهات بطرق متعددة كلها لا يمكنها ان تنجح الا فى ظل تعليم مريض وثقافة بالية واقتصاد منهك وجنوح نفسي واجتماعي ناتج عن خلل فى الفكر والتخطيط والزيغ الاعلامي وتعاظم الرغبة فى العودة الى الموروث المتضخم من الخرافات والجهالة التى تنتجها البطالة والتى تنتج هى الاخري عن الخلل الموروث والمتراكم من سوء المعالجة السياسية عبر الحقب السابقة.
يا ايها الناس تفكروا ، ان ما بكم الان هو بسببكم ، ان عدم الانتباه لما ينمو ويكبر و ينتشر من سوء الاخلاق وضعف الوازع القيمي واتجاه الكثير من الناس الى الفساد بشتى انواعه واعتبارهم له انه الحل الاسهل لمشكلاتهم الحياتية سواء فى مجال التعليم وهو جد خطير او الاعلام وهو الاخطر على الاطلاق وبينهما الثقافة وهى بحق تعد جسم المشكلة الاكبر او كما يقال عنها الجثة المتهمة ، كل هذا واكثر من ممارساتنا اليومية على مستوي الفكر والعقول والعمل تشير اننا جميعا مشتركين فى انتاج ذلك الفكر العقيدى الجانح والمتشدد والمتطرف كما تشير الى ان المدعو ابليس ليس مسئولا بصورة فردية عن كل ما نعانيه وليس اتباعه المباشرين فقط هم المسئولين عن نتائج افعالهم ، بل ان المسئولية تقع على عاتقنا جميعا فنحن من نتساهل معهم ونحن من نستسهل الحلول السلبية بقبولنا لها او بتغاضينا عنها ونحن من يكسل عن التعب بينما نشكو كثرة المعاناة وانه لامر جد خطير ولن ينجو من عواقبه احد ولن تستمر الحياة مستقرة وفى سلام طالما ان طرفا يصارع ويبني ويدافع بينما الطرف الاخر ينام منتظرا الصباح ليسمع الاخبار وينتقدها ويذهب الى عمله فلا يتقن ويذهب الى مدرسته فلا يتعلم ويذهب الى جامعته ليقضي وقت فراغه ويذهب الى المحافل والمنتديات ليقول ما لا يفعل ويذهب الى المقاهي ليدمر ما تبقي من الوقت فى ما لا طائل منه لتتحقق معه شهوات ابليس وجنوده من الجن والانس وما شهوة الارهاب اشد خطورة على الناس من الفراغ والضياع والفساد والاعجب ان هذا كله يحدث تحت غطاء اعلامي لا ينتج الا محتوي ترفيهي تزيغ معه كل المقاصد وتذوب على اثره القيم لتنتج المزيد من المفاسد ومراكز الاعلام تنتج ما لا يسمن ولا يغني من جوع بينما جثة الثقافة ترقد فى قصورها فى سبات ولا تحيا الا فى احداث برزخية لاتنتج ولا تؤثر فى الاحياء.
استفيقوا ايها الناس وغيروا من انفسكم حتى يغير الله لكم احوالكم لتسعدوا ، اخلصوا النوايا واصلحوا العمل ، وابذلوا الفكر والجهد فى البناء والتنوير والانتاج لمقومات المستقبل ، واتركو مجاهل السلوك ومفاسد الاعمال واتجهوا صوب كل ما ينفعكم ويحمي اولادكم ويؤمن لهم مستقبلا حافلا بالفخر والانجازات وما يعيد لبلادكم الريادة فنحن جميعا جنود الوطن نرفع علمه ونحمي سمائه ونصون عرضه ونزرع ارضه ونبني مصانعه ولن نترك هذا الامر لغيرنا فلن يعشق مصر ويحب نمائها الا اهلها وكل من يعلم قدرها ، فالله الله فى الاعلام والثقافة والتعليم والقانون فلا صلاح لاحوال الناس بدون تضافر جهودكم واخلاصكم وصلاح اعمالكم وعلى الله قصد السبيل.

جريدة الجمهورية

4/11/2018